تحصيل الواجب وهو الترتيب لمّا توقّف على الفرائض المتعدّدة كانت كلّ واحدة منها مجزوماً بها في محلّها ؛ لكونها كالمقدّمة للواجب ، فتجب تبعاً له ، ويتعيّن الجزم فيها. وهذا هو الجواب أيضاً عن منع المجتزئ بالثلاث عن الفريضة المجهولة حيث إنّه لا جزم في الرباعيّة.
وبعد ذلك كلّه فالاعتماد على سقوط وجوب التكرار ؛ لاستلزامه الحرج والعسر مع كثرة الفوائت جدّاً قطعاً ، فينتفي الوجوب فيها ، ومتى انتفى في فردٍ وجب نفيه في الجميع ؛ إذ لا قائل بالفرق بين القليل والكثير ، والفارق بينها وبين الفريضة المجهولة هو النصّ على تلك وعدمه هنا ، فيرجع إلى الأدلّة العامّة.
واختلف فتوى الشهيد رحمهالله في هذه المسألة ، فأفتى بسقوط التكرار مطلقاً في أكثر فتاويه.
وفي الذكرى استقرب السقوط أيضاً ، لكن أوجب تقديم ما ظنّ سبقه ؛ لأنّه راجح ، فلا يعمل بالمرجوح (١).
وفي الدروس أوجب الصلاة بحسب الظنّ أو الوهم ، فإن انتفيا ، صلّى كيف شاء (٢).
ولا ريب أنّه أحوط ، وأولى منه التكرار.
(و) لو فاته صلوات قصر وتمام كخمس فرائض مثلاً فيها قصر وتمام لا يعلم عينه ، وجب عليه أن (يصلّي مع كلّ رباعيّة صلاة سفر لو نسي ترتيبه) أي ترتيب الفائت ، سواء علم اتّحاد أحدهما أم تعدّده ، فإنّ كلّ رباعيّة تمرّ به يُجوّز فيها القصر والتمام ، فلا يبرأ إلا بهما ، كما لو فاته فريضة واحدة واشتبه هل هي قصر أم تمام ، فإنّه يجب عليه فعلها مرّتين ، كما لو اشتبهت الفائتة بين الصبح والظهر.
هذا إن أوجبنا الترتيب مع النسيان ، وإلا أجزأه فعل الفائت كيف اتّفق.
فلو كان خمس صلوات مثلاً ، وعلم أنّ بعضها فات حضراً وبعضها سفراً ولا يعلم قدر كلّ واحد منهما ولا ترتيبه ، وجب عليه يوم حَضَرٍ وثلاث مقصورات مسافرٍ ، معيّنة عن الظهر والعصر والعشاء.
__________________
(١) الذكرى ٢ : ٤٣٤.
(٢) الدروس ١ : ١٤٥.