بعضهم إلى أنّه مكلّف بالنهي دون الأمر (١).
ويدلّ على ما اختاره أصحابنا وجمهورهم : دخولهم تحت الأوامر العامّة ، كقوله تعالى (يا أَيُّهَا النّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) (٢) (وَأَنِ اعْبُدُونِي) (٣) وهو خطاب لبني آدم (وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) (٤) و (وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) (٥) وكقوله تعالى (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) إلى قوله (مُهاناً) (٦) جعل التعذيب المضاعف جزاءً على الأفعال المذكورة ومن جملتها القتل والزنا. ولأنّه تعالى قد أخبر بأنّه يعاقبهم على تركها ، كقوله (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) (٧) ولأنّهم يحدّون على الزنا والسرقة فتناولهم النهي فكذا الأمر ، والجامع تمكّنهم من تحصيل ما به يحصل الاحتراز عن المنهيّ عنه وترك المأمور به ، وهُمْ يسلّمون القياس مع الجامع. والمسألة محرّرة في الأُصول.
وكما أنّ الإسلام شرط في صحّة العبادة ، فكذا الإيمان ، فمن مات مخالفاً عُذّب على العبادة ، كما يُعذّب الكافر وإن سقط عنهما القضاء بالإسلام مطلقاً والإيمان إذا كان قد تعبّد صحيحاً عنده ، وقد تقدّم الكلام في المسألة.
واعلم أنّ حكم المصنّف بسقوط الفروع المخاطب بها الكافر مع الإسلام عامّ مخصوص بما خرج وقته من العبادات أو في حكم الخارج ، كما إذا لم يدرك من آخر وقت الصلاة قدر ركعة بعد تحصيل الشرائط المفقودة ، ويخرج من ذلك حقوق الآدميّين ، فإنّ قضاءها من جملة الواجبات وجلّ فروع الإسلام ، وكذلك حكم الحدث ، فإنّه لا يسقط عنه بإسلامه ، والله الموفّق.
__________________
(١) العدّة في أُصول الفقه ٢ : ٣٥٩ و ٣٦٠ ؛ المحصول ٢ : ٢٣٧.
(٢) البقرة (٢) : ٢١.
(٣) يس (٣٦) : ٦١.
(٤) آل عمران (٣) : ٩٧.
(٥) فصلّت (٤١) : ٦ و ٧.
(٦) الفرقان (٢٥) : ٦٨ و ٦٩.
(٧) المدّثر (٧٤) : ٤٢ و ٤٣.