قال في الذكرى : ولم نره مذكوراً في الأخبار إلا ما روي مرسلاً أو مسنداً بطريقٍ غير معلوم من قول النبيّ : «قدّموا قريشاً ولا تقدّموها» (١) وهو على تقدير تسليمه غير صريح في المدّعى. نعم ، هو مشهور في التقديم في صلاة الجنازة من غير رواية تدلّ عليه. نعم ، فيه إكرام للنبيّ ؛ إذ تقديمه لأجله نوع إكرام ، وإكرام رسول الله صلىاللهعليهوآله وتبجيله ممّا لا خفاء بأولويّته (٢).
وأولويّة الإمام الأعظم ظاهرة ، وأولويّة الجميع في الجملة واضحة ، لكن لا إشعار في العبارة بحكمهم عند الاجتماع. وتنقيحه يتمّ بمباحث :
أ ـ إمام الأصل أولى من غيره مطلقاً مع حضوره ، ولا يجوز لغيره التقدّم عليه ؛ لأنّ له الرئاسةَ العامّة. ولقوله تعالى (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٣) وهو حاكم على صاحب البيت وغيره ، وقد أمّ النبيّ عتبان (٤) بن مالك وأنساً في بيوتهما (٥). ولو لم يحضر واستناب أحداً ، كان النائب أولى من غيره ؛ لترجّحه بتعيين الإمام ، فإنّه لا يستنيب إلا الراجح أو المساوي ، وعلى التقديرين الترجيح حاصل. وهو أولى من صاحب المنزل والمسجد والإمارة.
ب ـ أحد الثلاثة الأُول مع عدم حضور الإمام أو نائبه أولى من غيرهم وإن كان أفضل منهم إذا كانوا بشرائط الإمام ، بل قال المصنّف في صاحب المنزل : إنّه لا نعلم فيه خلافاً (٦).
ولو اجتمع صاحب المنزل أو المسجد مع صاحب الإمارة ، كانا أولى منه.
ج ـ على تقدير أولويّة الهاشمي فالثلاثة أولى منه.
وهل هو بعدهم بغير فصل؟ أطلق الشيخ في المبسوط (٧).
__________________
(١) معرفة السنن والآثار ١ : ١٥٤ / ٢١٧ ، و ٤ : ٢١١ / ٥٩٠٧ و ٥٩١٢ ؛ كنز العمّال ١٢ : ٢٢ / ٣٣٧٨٩ ٣٣٧٩١.
(٢) الذكرى ٤ : ٤١٣ ٤١٤.
(٣) النساء (٤) : ٥٩.
(٤) في «ق ، م» والطبعة الحجريّة : غسان. والصحيح ما أثبتناه من المصادر.
(٥) صحيح البخاري ١ : ١٤٩ ١٥٠ / ٣٧٣ ، و ١٦٤ / ٤١٥ ؛ صحيح مسلم ١ : ٤٥٥ / ٢٦٣ ، و ٤٥٧ / ٢٦٦ ٢٦٨ ؛ سنن النسائي ٢ : ٨٦ و ١٠٥ ؛ سنن البيهقي ٣ : ١٣٦ / ٥١٥٧ و ٥١٥٨ ؛ المعجم الكبير للطبراني ١٨ : ٢٥ / ٤٣ ؛ مسند أبي عوانة ١ : ٤٠٨ / ١٥٠٦ ؛ مسند أحمد ٣ : ٦١٧ / ١٢٠٩٨ ، و ٤ : ٨٥ / ١٢٨٥٧.
(٦) تذكرة الفقهاء ٤ : ٣١١ ، المسألة ٥٨٦.
(٧) المبسوط ١ : ١٥٤.