(والأعرابي بالمهاجرين) لقول الباقر عليهالسلام في رواية محمّد بن مسلم : «خمسة لا يؤمّون الناس ولا يصلّون بهم صلاة فريضة في جماعة : الأبرص والمجذوم والأعرابي حتى يهاجر وولد الزنا والمحدود» (١).
وقول الصادق عليهالسلام في صحيحة أبي بصير : «خمسة لا يؤمّون الناس على كلّ حال : المجذوم والأبرص والمجنون وولد الزنا والأعرابي» (٢).
واعلم أنّ الأعرابي هو المنسوب إلى الأعراب ، وهُمْ سكّان البادية.
وقد اختلف الأصحاب في كراهة إمامته أو تحريمها بسبب النهي الوارد في الخبر واقترانه فيه بمن تكره إمامته ومَنْ تحرم.
وحَمْلُ المصنّف النهي على الكراهة (٣) أوضح ؛ إذ لا ريب في أنّ المراد به العدل منهم ، وهو يستلزم المعرفة بمحاسن الإسلام وتفاصيل الأحكام المشترطة في الإمام ، وحينئذٍ لا مانع منه.
ووجه الكراهة حينئذٍ مع النصّ نقصه عن مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم التي تستفاد من الحضر ، كما مرّ التنبيه عليه في بحث الأقدم هجرةً.
وأمّا مَنْ حرّم إمامته كالشيخ (٤) وجماعة (٥) فمرادهم مع ظاهر النهي بالأعرابي مَنْ لا يعرف محاسن الإسلام وتفاصيل الأحكام من سكّان البوادي ، المعنيّين بقوله تعالى (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) (٦) أو مَنْ عرف منهم ذلك ولكن ترك المهاجرة مع وجوبها عليه ؛ لقوله تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) (٧) فإنّه حينئذٍ تمتنع (٨) إمامته ؛ لإخلاله بالواجب من التعلّم أو المهاجرة.
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٤٧ / ١١٠٥.
(٢) الكافي ٣ : ٣٧٥ / ١ ؛ التهذيب ٣ : ٢٦ ٢٧ / ٩٢ ؛ الاستبصار ١ : ٤٢٢ / ١٦٢٦.
(٣) مختلف الشيعة ٢ : ٤٨٦ ، ذيل المسألة ٣٤٣.
(٤) النهاية : ١١٢ ؛ المبسوط ١ : ١٥٥.
(٥) منهم : الشيخ الصدوق في المقنع : ١١٧ ؛ والقاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ٨٠ ؛ والجعفي كما نقله عنه الشهيد في الذكرى ٤ : ٤٠٤.
(٦) التوبة (٩) : ٩٧.
(٧) الأنفال (٨) : ٧٢.
(٨) في «م» : تمنع.