وفي قوله : «أو مَنْ يشاهده» إشارة إلى أنّ مشاهدة المأموم لمثله المشاهد للإمام أو لمن يشاهده وإن تعدّد كافٍ ، وإلا لم يمكن القدوة للصفوف المتعدّدة.
وخرج بقوله : «في جميع الأحوال» ما لو منع الحائل المشاهدةَ في حالةٍ دون اخرى ، كالقصير الذي يمنع حالة الجلوس أو عكسه ، فإنّه غير مانع.
وقيّد المأموم بكونه رجلاً ؛ ليحترز به عن المرأة ، فإنّه لا يقدح الحائل بينها وبين الإمام مع إمكان المتابعة.
ويجب تقييده بكون إمامها رجلاً ، فلو كان امرأةً مثلها ، فكالرجل ، والخنثى كالمماثل ؛ لجواز كونها رجلاً إن كانت مقتديةً برجل ، وأُنثى إن كانت الأُنثى مقتديةً بها.
ومنع ابن إدريس من الحائل بين المرأة والرجل (١) ؛ عملاً بالإطلاق.
والنصّ حجّة عليه.
(و) كذا (لا) تصحّ القدوة (مع علوّ الإمام) على المأموم (و) لا مع (تباعده) عنه (بغير صفوف) مأمومين.
ولا تقدير للعلوّ والبُعْد ، بل (بالمعتدّ) عرفاً (فيهما) بحيث يسمّى علوّاً وبُعْداً كذلك.
وللمصنّف قول بتقدير العلوّ بما لا يتخطّى عادة (٢). وهو قريب من العرف ، وفي بعض (٣) الأخبار دلالة عليه.
ويعتبر البُعْد مع تعدّد الصفوف بين الصفّ الأوّل والإمام وبين كل صفّ وما بعده ، فمتى حصل البُعْد في بعضٍ ، بطلت صلاته وصلاة مَنْ تأخّر عنه ، دون المتقدّم. ولو لم يتباعد ، صحّ الجميع ما لم يؤدّ إلى البُعْد المفرط المؤدّي إلى التخلّف الفاحش عن الإمام بسبب تأخّر علمه بانتقالاته.
ويشترط في صحّة صلاة البعيد انعقاد صلاة المتخلّل بينه وبين الإمام ، فلو كانت باطلةً ، لم تصح صلاة المتأخّر البعيد ؛ لعدم اتّصال الصفوف في نفس الأمر.
ولو انتهت صلاة المتخلّل قبل المتأخّر ؛ لمفارقةٍ ونحوها ، انفسخت قدوة البعيد وإن
__________________
(١) السرائر ١ : ٢٨٩.
(٢) تذكرة الفقهاء ٤ : ٢٦٣ ، الفرع «ه» ؛ نهاية الإحكام ٢ : ١٢٤.
(٣) الكافي ٣ : ٣٨٥ / ٤ ؛ الفقيه ١ : ٢٥٣ / ١١٤٤ ؛ التهذيب ٣ : ٥٢ / ١٨٢.