انتقل بعد ذلك إلى القرب.
نعم ، لو انتقل قبل انتهاء صلاة المتخلّل ولم يستلزم الانتقال فعلاً كثيراً أو استلزم وكان الانتقال نسياناً ، استمرّت القدوة.
وهل للبعيد التحرّم قبل المتوسّط؟ يحتمل ذلك وهو الذي استقربه الشهيد في البيان (١) لأنّ ذلك في حكم الاتّصال ؛ لأنّ المتخلّل مأموم بالقوّة القريبة من الفعل. ولأنّ الشروع في مقدّمات الصلاة من الإقامة والدعاء كالشروع في الصلاة.
ويمكن المنع ؛ لأنّ خلوّ المتخلّل من القدوة لو حصل في حال استدامة قدوة المتأخّر كما في صورة انتهاء القدوة أبطلها ، فلأن يمنعها ابتداءً أولى ؛ لما تقرّر من أنّ استدامة الشيء أقوى من ابتدائه ، فإذا كان طريان ضعيف عدم القدوة وهو ابتداؤه من المتخلّل على قويّ قدوة المتأخّر وهو استدامتها يوجب بطلانها ، فلأن يمنع القويّ وهو المستدام الضعيف وهو مبتدأ المتأخّر أولى.
وإطلاق اسم المصلّي على مَنْ يريد الابتداء مجاز ، كما يمكن إطلاقه على مَنْ انتهت صلاته بسبب ما يؤول إليه وما كان عليه ، فلا ترجيح ، بل ربما قيل بترجيح الثاني ، فإنّ بقاء المعنى المشتقّ منه ليس شرطاً في صحّة الاشتقاق عندنا ، فيصحّ إطلاق المصلّي والمؤتمّ عليه على وجه الحقيقة دون مَنْ يؤول إليها.
وبالجملة ، فالمسألة موضع إشكال ، وما اختاره الشهيد لا يخلو من وجه ، إلا أنّ الدليل العقلي لا يساعد عليه.
ولو انعكس الفرض بأن كان المأموم أعلى بالمعتد ، لم يضر.
ولا عبرة بتقدير العلوّ لو وقع أمامه لم يوجب تقدّم المأموم على الإمام أو إلى غيره لم يوجب البُعْد ؛ لإطلاق النصّ.
نعم ، يشترط عدم إفراط العلوّ بحيث يستلزم البُعْد عادةً.
(و) كذا (لا) تصحّ القدوة (مع وقوفه قدّام الإمام) بحيث يكون عقبه متقدّماً على عقب الإمام ، أو أصابعه على أصابعه.
__________________
(١) انظر : البيان : ٢٣٥.