وهل عود الناسي على وجه الوجوب أم الندب؟ ظاهر الأكثر الأوّل ، فلو ترك الرجوع ، احتمل بطلان صلاته ؛ لأنّ المعتبر إنّما هو الثاني ولم يأت به متعمّداً ، فيبقى في العهدة.
وعدمه ؛ لأنّه بترك الرجوع يصير في حكم المتعمّد الذي عليه الإثم لا غير ، بل أخفّ منه ؛ لأن فعله السابق لم يكن على وجه العمد. وهذا هو الأجود.
واختار المصنّف في التذكرة عدم وجوب العود على الناسي وإن كان جائزاً (١).
وربما استدلّ له بمفهوم مكاتبة ابن فضّال للرضا فيمن ركع لظنّه ركوع الإمام ، فلمّا رآه لم يركع رفع رأسه ثمّ أعاد الركوع مع الإمام ، فكتب «يتمّ صلاته [و] لا تفسد بما صنع صلاته» (٢) وهي بعيدة عن الدلالة.
(ولا يجوز للمأموم المسافر) إذا اقتدى بالحاضر في رباعيّة (المتابعة للحاضر) في باقي صلاته (بل يسلّم إذا فرغ) من أفعاله الموافقة لصلاة الإمام (قبل الإمام).
ولو تشهّد معه ثمّ انتظره إلى أن يكمل صلاته ويسلّم معه ، كان أفضل.
ولو انعكس الفرض ، تخيّر الحاضر عند انتهاء الفعل المشترك بين المفارقة في الحال ، والصبر حتى يسلّم الإمام فيقوم إلى الإتمام ، وهو أفضل.
والأفضل للإمام أن ينتظر بالسلام فراغ المأموم ليسلّم به ، فإن علم المأموم بذلك ، قام بعد تشهّد الإمام.
والمشهور : عدم وجوب بقاء الإمام المسافر في مجلسه إلى أن يتمّ المأموم المقيم ، خلافاً للمرتضى (٣) وظاهر ابن الجنيد (٤). وربما حمل على تأكّد الاستحباب.
وما ذكرناه من التفصيل آتٍ في الصلاتين المختلفتين عدداً ، وصلاة المسبوق وإن لم يختلفا سفراً وحضراً ، فلو اقتدى مصلّي الصبح بالظهر ، فحكمه حكم اقتداء المسافر بالحاضر. ومثله اقتداء مصلّي المغرب بالعشاء ، فإنّه يجلس بعد الثالثة للتشهّد والتسليم.
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ٤ : ٣٤٥ ، ضمن المسألة ٦٠٣.
(٢) التهذيب ٣ : ٢٧٧ / ٨١١ ، و ٢٨٠ / ٨٢٣ ، وما بين المعقوفين من المصدر.
(٣) جُمل العلم والعمل : ٧٤.
(٤) حكاه عنه الشهيد في الذكرى ٤ : ٣٨٣.