ويشكل بأنّ الرواية تدلّ على الجواز لا على الأفضليّة ، والتخيير لا شكّ فيه ؛ جمعاً بين الحديثين المعتبرين ، والأفضليّة تحتاج إلى مرجّح ، وهو موجود في الفرض الأوّل.
والاعتبار الثاني لا وجه له ؛ لأنّ الجلوس للتشهّد لا بدّ منه ، وهو يستدعي زماناً على كلّ حال ، فلا يحصل التخفيف بإيثار الأُولى به. ولأنّه إذا صلّى بالأُولى ركعتين وبالثانية ركعة ، فإنّها تجلس في تشهّدها الأوّل حيث لا يجلس الإمام. وعلى التقدير الآخر تجلس له حيث يجلس الإمام ، وهو على ما ذكروه في دليلهم نوع تخفيف.
(ويجب) على الطائفتين (أخذ السلاح) أمّا على المقابلة : فظاهر ؛ لتوقّف الحراسة الواجبة عليه. وأمّا على المصلّية : فللأمر به في قوله تعالى (وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ) (١) والأصل فيه الوجوب ، وهذا هو المشهور بين الأصحاب.
وذهب بعضهم (٢) إلى الاستحباب ، وجعل الأمر للإرشاد ، كـ (أَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) (٣).
وهو مخالف للأصل لا يعدل إليه إلا لدليلٍ ، وهو منفيّ.
وآخرون (٤) إلى اختصاص الوجوب بالمصلّين ؛ عملاً بظاهر الآية (٥).
ويندفع بأنّ غير المصلّي يدخل بمفهوم الموافقة ؛ لأنّه المستعدّ للقتال ، وقد روي عن ابن عباس أنّ المأمورين بأخذ السلاح هم المقاتلون (٦).
والمراد بالسلاح آلة الدفع من السيف والخنجر والسكّين ونحوه ، ويلحق به ما يُكنّ من الدرع والجوشن والمغفر.
ووجوب أخذه ثابت مطلقاً (إلا أن يمنع شيئاً من الواجبات) المعتبرة في الصلاة ، كالجوشن الثقيل والمغفر المانع من السجود على الجبهة (فيجوز مع الضرورة) لا بدونها.
ولو لزم من حمله تأذّي الناس به كالرمح في وسط الصفوف ، لم يجز إلا مع الحاجة ، فينتقل حامله إلى حاشية الصفوف.
__________________
(١) النساء (٤) : ١٠٢.
(٢) هو ابن الجنيد كما نقله عنه العلامة الحلّي في مختلف الشيعة ٢ : ٤٧٤ ، ضمن المسألة ٣٣٥.
(٣) البقرة (٢) : ٢٨٢.
(٤) منهم : الشيخ الطوسي في الخلاف ١ : ٦٤٣ ، المسألة ٤١٤.
(٥) النساء (٤) : ١٠٢.
(٦) تفسير الطبري ٥ : ١٥٩ ؛ الجامع لأحكام القرآن ٥ : ٣٧١ ؛ التبيان ٣ : ٣٠٩ ؛ مجمع البيان ٣ ٤ : ١٠٢.