وإنّما يجب التقصير (بستّة شروط) :
(الأوّل :) (١) السفر إلى (المسافة ، وهي ثمانية فراسخ) كلّ فرسخ ثلاثة أميال ، كلّ ميل أربعة آلاف ذراع ، كلّ ذراع أربعة وعشرون إصبعاً ، كلّ إصبع سبع شعيرات متلاصقات بالسطح الأكبر وقيل : ستّ (٢). ولعلّ الاختلاف بسبب اختلافها عرض كلّ شعيرة سبع شعرات من أوسط شعر البرذون.
وقد ورد تقدير المسافة بثمانية فراسخ معلّلاً في خبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليهالسلام قال : «إنّما وجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقلّ من ذلك ولا أكثر ، لأنّ ثمانية فراسخ مسيرة يوم للعامّة والقوافل والأثقال ، ولو لم يجب في مسير يوم لم يجب في مسير سنة ، لأنّ كلّ يوم يكون بعد هذا اليوم فإنّما هو نظير هذا اليوم ، فلو لم يجب في هذا اليوم لم يجب في نظيره» (٣).
وقد عُلم من ذلك أنّ المسافة مسير يوم بسير الأثقال ، ولمّا كان ذلك يختلف باختلاف الأرض والأزمنة والسير حمل على الوسط في الثلاثة.
ويعتبر من الحيوان مسير الإبل ؛ لأنّها الغالب في القوافل.
وروى ابن بابويه في الفقيه عن الصادق عليهالسلام في حديثٍ أنّه قال : «كان أبي عليهالسلام يقول : إنّ التقصير لم يوضع على البغلة السفواء والدابّة الناجية ، إنّما وضع على سير القطار» (٤).
قال الجوهري : بغلة سفواء : خفيفة سريعة ، وسفا يسفو سُفُوّاً : أسرع في المشي (٥).
وعلى هذا فيكفي السير عن التقدير وإن اتّفق قصوره عنه في نفس الأمر ؛ عملاً بظاهر الأخبار.
نعم ، لو اعتبرها بالتقدير فإن وافق السيرَ ، فواضح. وإن اختلفا ، أمكن الاجتزاء بكلّ واحد منهما ؛ لدلالة النصّ عليهما ، وتقديمُ السير ؛ لأنّ دلالة النصّ عليه أقوى ؛ إذ ليس
__________________
(١) بدل ما بين القوسين في «ق ، م» والطبعة الحجريّة : «أ». والمثبت هو الموافق لبعض نسخ الإرشاد.
(٢) كما في الذكرى ٤ : ٣١٠.
(٣) الفقيه ١ : ٢٩٠ / ١٣٢٠ ، وفيه : «.. في مسير ألف سنة ..».
(٤) الفقيه ١ : ٢٧٩ ٢٨٠ / ١٢٦٩.
(٥) الصحاح ٦ : ٢٣٧٨ ، «س ف ى».