وقد قرّب الشهيد في البيان العودَ إلى القصر ؛ اكتفاءً بالتلفيق ممّا مضى (١).
والحكم فيه أشكل ممّا هنا.
أمّا لو فرض عدوله في أثناء المسافة إلى غير المقصد ورجوعه عنه ، اتّجه الضمّ بناءً على ما تقدّم من أنّ الاعتبار بقصد المسافة النوعيّة لا الشخصيّة ، وهي حاصلة هنا ، مع احتمال التمام ؛ لبطلان القصد الأوّل ، وعدم بلوغ المقصد الثاني.
وكيف كان فهو أولى بالقصر من الأوّلين.
والصائد للهو عاصٍ ، كما مرّ ، بخلاف الصائد لقوته وقوت عياله ، فإنّه يقصّر الصلاة والصوم إجماعاً.
(والصائد للتجارة يقصّر في صلاته وصومه على رأي) لوجود المقتضي ، وهو السفر إلى المسافة ، مع كونه غير معصية ، وانتفاء المانع ؛ إذ ليس إلا قصد التجارة ، وهو أمر سائغ ، كالسفر للتجارة في غير الصيد ، فإنّه غير مانع إجماعاً ، ولعموم الآية (٢) والأخبار.
ونبّه بالرأي على خلاف جماعة من الأصحاب منهم : الشيخان حيث أوجبا إتمام الصلاة (٣) ، بل ادّعى عليه ابن إدريس الإجماعَ (٤) ، مستندين في ذلك إلى أخبار ضعيفة ، مع عدم دلالتها على المطلوب صريحاً.
وقد روى معاوية بن وهب في الصحيح عن الصادق عليهالسلام «هُما واحد إذا قصّرت أفطرت ، وإذا أفطرت قصّرت» (٥) حكم عليه باتّحاد الحكم فيهما ، وفي «إذا» معنى الشرط ، فيعمّ.
وفي صحيحة عبد الله عنه عليهالسلام في الصيد «إن كان يدور حوله فلا يقصّر ، وإن كان يجاوز الوقت فليقصّر» (٦) ؛ وترك الاستفصال دليل العموم.
__________________
(١) البيان : ٢٦٠.
(٢) النساء (٤) : ١٠١.
(٣) المقنعة : ٣٤٩ ؛ النهاية : ١٢٢ ؛ المبسوط ١ : ١٣٦.
(٤) السرائر ١ : ٣٢٧.
(٥) التهذيب ٣ : ٢٢٠ ٢٢١ / ٥٥١.
(٦) التهذيب ٣ : ٢١٨ / ٥٤١ ؛ الاستبصار ١ : ٢٣٦ / ٨٤٣.