البلد ، وهي غير كافية في قطع كثرة السفر إجماعاً ، فكذا يجب لما هو بحكمها ، وإنّما اقتضى كونها بحكم النيّة الاكتفاء بعشرة أُخرى بعدها ، وإلا كان من المحتمل أن يقال : إنّ التردّد لا يقطع كثرة السفر وإن طال ؛ لعدم النصّ ، وأصالة البقاء على حكم الكثرة ، بل هذا الاحتمال أوجه من احتمال الاكتفاء بالثلاثين المتردّد فيها ، فإنّ إلغاء المناسبة بين حكم السفر وكثرة السفر يقتضي الاكتفاء بمطلق العشرة إن عمل بمطلق الرواية ، ولم يقل به أحد ، أو توقّف حكم قطع الكثرة على الإقامة عشرة منويّة ، ولا تقطعها بدونه ، ورعاية المناسبة تقتضي اشتراط العشرة بعد الثلاثين ، فالقول بالاكتفاء بالثلاثين المتردّد فيها غير متّجه.
فإن قيل : لمّا علمنا اعتبار الشارع الثلاثين المتردّد فيها وترتيب حكم قطع السفر عليها وإقامتها مقام نيّة الإقامة اعتبرناها هنا مع صدق إقامة العشرة في الجملة ، بخلاف العشرة المتردّد فيها ، فإنّ الشارع لم يعتبرها بحال.
قلنا : إنّما اعتبرها الشارع في حكمٍ يكفي في اعتباره نيّة إقامة العشرة ، كما قد عرفته ، والأمر في المتنازع ليس كذلك ، فإنّ نيّة إقامة العشرة غير كافية إجماعاً ، فكذا ما هو بحكمها ، ولا يلزم من اعتبار الشارع لها في حالةٍ اعتبارها مطلقاً.
(وإلا) يقم أحدهم عشرة على الوجه المتقدّم (أتمّ) صلاته (ليلاً) وهي (و) صيامه (نهاراً) سواء لم يقم أصلاً أو أقام دون الخمسة أو أقام خمسة (على رأي) مشهور ؛ لصدق اسم المسافر على مَنْ أقام دون العشرة ، فيلحقه الحكم. ولقوله عليهالسلام : «هُما سواء إذا أفطرت قصّرت ، وإذا قصّرت أفطرت» (١).
ونبّه بالرأي على خلاف الشيخ (٢) وجماعة (٣) حيث ذهبوا إلى أنّ مَنْ أقام خمسة فصاعداً إلى ما دون العشرة يُقصّر صلاة النهار ويُتمّ الليل والصوم ؛ لرواية عبد الله بن سنان ، قال : «المكاري إن لم يستقر في منزله إلا خمسة أيّام أو أقلّ قصّر في سفره بالنهار وأتمّ بالليل ، وعليه صوم شهر رمضان» (٤).
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٢٠ ٢٢١ / ٥٥١.
(٢) النهاية : ١٢٢ ١٢٣ ؛ المبسوط ١ : ١٤١ و ٢٨٤.
(٣) منهم : القاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ١٠٦ ؛ وابن حمزة في الوسيلة : ١٠٨ ؛ ويحيى بن سعيد في الجامع للشرائع : ٩١.
(٤) الفقيه ١ : ٢٨١ / ١٢٧٨ ؛ التهذيب ٣ : ٢١٦ / ٥٣١ ؛ الاستبصار ١ : ٢٣٤ / ٨٣٦.