فقصّر ، وإذا قدمت من سفرك فمثل ذلك» (١).
والجمع بين الخبرين يحصل بالعمل بمدلولهما معاً ، والمتقدّمون جمعوا بينهما بالتخيير. وليس بواضح.
وعوّل ابن بابويه على رواية مرسلة تدلّ على القصر إلى أن يعود إلى المنزل (٢).
وهي مع ذلك مجملة يجب حملها على المبيّن.
والمعتبر خفاء صورة الجدار لا شبحه وسماع صوت الأذان وإن لم يميّز فصوله.
ويعتبر فيهما الحاسّة المعتدلة ، كما يعتبر الصوت والبناء المعتدلان ، فلا عبرة برؤية أعلام البلد ، كالمنائر والقباب والقلاع ، ولا بالأذان المفرط في العلوّ ، ولا بخفاء المنخفضين. والتمثيل بالأذان ؛ لأنّه أبلغ الأصوات غالباً ، فيقوم مقامه الصوت العالي. ويقدّر البلد المرتفعة والمنخفضة معتدلةً.
ويعتبر آخر الجدران والأذان ما لم تتّسع الخطّة بحيث تخرج عن العادة ، فتعتبر المحلّة وأذانها. ومحلّة البدوي كالبلد بالنسبة إلى الأذان ، أمّا الجدار (٣) فيحتمل تقدير بيته لو كان جداراً ، واعتبار رؤيته ؛ لقيامه مقامه.
(وهو) أي : خفاء الأمرين (نهاية التقصير) بمعنى أنّه يمتدّ عائداً إلى أن يدرك أحدهما ، فيزول حكمه ، ويصير كالمقيم على المشهور ؛ لصحيحة عبد الله بن سنان ، السالفة (٤). ولأنّ اعتبار ذلك في الخروج إنّما هو لكون ما دون هذا القدر في حكم البلد ، فلا يقصر فيه.
وخالف هنا جماعة (٥) حيث جعلوا نهاية التقصير دخول المنزل ؛ استناداً إلى أخبار تدلّ على استمرار التقصير إلى دخول المنزل.
ولا صراحة فيها بالمدّعى ؛ فإنّ ما دون الخفاء في حكم المنزل خصوصاً مع وجوب
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٢٣٠ / ٦٧٥ ؛ الاستبصار ١ : ٢٤٢ / ٨٦٢.
(٢) الفقيه ١ : ٢٧٩ / ١٢٦٨.
(٣) في الطبعة الحجريّة : الجدران.
(٤) في ص ١٠٤٤.
(٥) منهم : الشيخ علي بن بابويه وابن الجنيد كما حكاه عنهما العلامة الحلّي في مختلف الشيعة ٢ : ٥٣٥ ، المسألة ٣٩٣ ، والسيّد المرتضى كما حكاه عنه المحقّق الحلّي في المعتبر ٢ : ٤٧٤.