الجمع بينها وبين ما تقدّم من الدالّ صريحاً على المشهور.
واعلم أنّ فائدة جَعْل خفاء الأمرين شرطاً للقصر عدم جوازه قبله ، فلو أراد الصلاة قبل ذلك ، صلّى تماماً. وكذا لا يجوز له الإفطار. وبعد وصوله إلى ذلك القدر يتحقّق الشرط ، ولا يلزم من وجوده وجود المشروط وهو القصر ، ثمّ يتوقّف على تفصيلٍ آخر ، وهو : عدم مضيّ قدر الصلاة وشرائطها المفقودة ، كما سيأتي.
وكذلك يشترط في جواز الإفطار عدم زوال الشمس قبل الخفاء على ما يجيء تفصيله إن شاء الله تعالى.
وأمّا في العود ففائدته على مذهب المصنّف من وجوب التمام على مَنْ حضر قبل الصلاة وإن كان قد دخل الوقت عليه مسافراً ظاهرة ، فيتمّ حينئذٍ متى وصل إلى الموضع المذكور (١) ؛. والفائدة بالنسبة إلى الصوم أنّه لو وصل إلى ذلك المكان ولم يكن تناول سفراً وكان ذلك قبل الزوال ، وجب عليه الصوم. ولو كان ذلك بعد الزوال أو كان قد تناول ، لم يلزمه حكم الإتمام فكذا في نهاية السفر إنّما تظهر على بعض الوجوه ، وذلك هو المراد من الإطلاق.
بقي في العبارة شيء ، وهو : أنّ الضمير في قوله : «وهو نهاية التقصير» لا مرجع له سابقاً إلا الخفاء في قوله : «خفاء الجدران» ولا ريب أنّ الخفاء أمر ممتدّ من حين تجاوز موضع سماع الأذان ورؤية الجدار إلى أن يعود ، بل كلّما تمادى في السفر تأكّد تحقّق الخفاء ، وهذا المعنى لا يصلح كونه مراداً لجَعْله نهاية التقصير ؛ فإنّه وقت التقصير وظرفه ، فكيف يكون نهايته!؟ وإنّما النهاية آخر جزء منه ، وهو الجزء الذي دونه بلا فصل يتحقّق إدراك أحد الأمرين ، وهذا ليس هو مفهوم الخفاء ، ولا يصحّ إطلاقه على هذا الجزء خاصّةً ، كما لا يخفى.
ولا يصحّ توهّم أنّ الخفاء على ما ذكرت مجموع مركّب من جميع الأجزاء الواقعة في ذلك الزمان ، والمجموع لا يتحقّق إلا بجميع أجزائه ، وهي لا تتمّ إلا ببلوغ أحدهما ، فيصحّ حينئذٍ إطلاق كون الخفاء منتهى الترخّص ؛ فإنّ هذا الأمر وإن تمّ بالنسبة إلى النهاية يفسد في جانب البداءة ، فإنّ الخفاء كما هو معتبر في نهاية السفر بمعنى أنّ زواله يزيل
__________________
(١) في الطبعة الحجريّة : المواضع المذكورة.