السفر ، فيبطل حكم ما سبق ، كما لو وصل إلى وطنه.
وبما اخترناه أفتى الشهيد رحمهالله في البيان (١).
ومستند ما ذكره المصنّف من التفصيل بالصلاة وعدمها : رواية الحسن بن محبوب عن أبي ولاد الحنّاط قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّي كنت نويت حين دخلت المدينة أن أُقيم بها عشرة أيّام فأُتِمّ الصلاة ثمّ بدا لي بَعْدُ أن لا أُقيم بها ، فما ترى لي أُتمّ أم أُقصّر؟ فقال : «إن كنت دخلت المدينة و (٢) صلّيت بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك أن تقصّر حتى تخرج منها ، وإن كنت حين دخلتها على نيّتك التمام فلم تصلّ فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك أن لا تقيم فأنت في تلك الحال بالخيار إن شئت فانو المقام عشراً وأتمّ ، وإن لم تنو المقام فقصّر ما بينك وبين شهر ، فإذا مضى لك الشهر فأتمّ الصلاة» (٣).
وإنّما علّق في الخبر العود إلى القصر بالخروج بعد الصلاة تماماً من غير تقييد بقصد المسافة ؛ لأنّ أبا ولاد كوفيّ ، فخروجه من المدينة إلى بلده يوجب المسافة وإن كان اللفظ مطلقاً.
ولو أمكن على بُعْدٍ كون خروجه إلى غير بلده ، وجب تقييده بالمسافة ، كما ذكرناه ؛ لأنّ انقطاع السفر قطعاً مستقرّاً بحيث يتوقّف العود إلى القصر على الخروج يوجب ذلك.
ومَنْ أطلق من الأصحاب القصر هنا بالخروج فكلامه مشروط بذلك.
وقد صرّح كثير منهم المصنّف والشهيد (٤) باشتراط المسافة في الخروج ، وصرّح الجميع باشتراطها بعد الوصول إلى البلد ، والحكم واحد ، وقد تقدّم الكلام فيهما.
إذا تقرّر ذلك ، فالحكم ورد في النصّ معلّقاً على صلاة الفريضة تماماً ، ففيها قيود ثلاثة :
الأوّل : الصلاة ، فلو لم يكن صلّى ثمّ رجع عن نيّة الإقامة ، عاد إلى القصر ، سواء كان قد دخل وقت أم لا ، وسواء خرج وقتها ولم يصلّ عمداً أو سهواً أم لا ؛ لأنّ مناط
__________________
(١) البيان : ٢٦٠.
(٢) الواو لم ترد في «ق ، م» والتهذيب والاستبصار.
(٣) الفقيه ١ : ٢٨٠ / ١٢٧١ ؛ التهذيب ٣ : ٢٢١ / ٥٥٣ ؛ الإستبصار ١ : ٢٣٨ ٢٣٩ / ٨٥١.
(٤) نهاية الإحكام ٢ : ١٧٦ ؛ الذكرى ٤ : ٣٠٣.