ولا فرق في ذلك بين كون الوقت باقياً وعدمه ، خلافاً للشيخ في الاستبصار (١) حيث ذهب إلى وجوب الإعادة مع بقاء الوقت ؛ تعويلاً على رواية سليمان بن حفص المروزي ، قال : قال الفقيه وعنى به الكاظم عليهالسلام : «التقصير في الصلاة في بريدين أو بريد ذاهباً وجائياً ، فإذا خرج الرجل من منزله يريد اثني عشر ميلاً ثمّ بلغ فرسخين ورجع عمّا نوى وأراد المقام أتمّ ، وإن كان قصّر ثمّ رجع عن نيّته أعاد الصلاة» (٢).
وحملها الشيخ على بقاء الوقت (٣) ؛ جمعاً بينها وبين رواية زرارة ، السالفة (٤) ، لكن في سندها ضعف ، فلذا لم يعتبرها.
ولو كان الرجوع أو التردّد بعد بلوغ المسافة ، بقي على القصر إلى أن يقصد إقامة عشرة أيّام أو يمضي عليه ثلاثون يوماً متردّداً.
وهل يحتسب منها ما يتردّده إلى دون المسافة أو يسلكه من غير قصدها وإن بلغها؟ نظر : من وجود حقيقة السفر فلا يضرّ التردّد. ومن اختلال القصد. وتوقّف في الذكرى (٥).
(ومع) اجتماع (الشرائط) الستّة (يجب القصر) (٦) وجوباً متعيّناً ، وهو معنى قول الأصحاب : إنّه عزيمة لا رخصة.
وهذا الحكم ثابت في جميع الأسفار والأمكنة (إلا في) أربعة أمكنة تفرّد الأصحاب بكون المسافر يتخيّر فيها بين القصر والتمام ، وهي (حرم الله تعالى ، وحرم رسوله صلىاللهعليهوآله) والمراد بهما مسجدا مكّة والمدينة ، لا مطلق الحرم (ومسجد الكوفة ، والحائر) وهو مشهد الحسين عليهالسلام ، وحدّه سور الحضرة (فإنّ الإتمام) في هذه الأربعة (أفضل) من القصر.
ومستند الحكم أخبار كثيرة وردت عن أئمّة الهدى عليهمالسلام بذلك.
منها : رواية حمّاد بن عيسى عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «من مخزون علم الله الإتمام في
__________________
(١) الاستبصار ١ : ٢٢٨ ، ذيل الحديث ٨٠٩.
(٢) التهذيب ٤ : ٢٢٦ / ٦٦٤ ؛ الاستبصار ١ : ٢٢٧ ٢٢٨ / ٨٠٨.
(٣) انظر : الإستبصار ١ : ٢٢٨.
(٤) في ص ١٠٥٤.
(٥) الذكرى ٤ : ٣٠٣.
(٦) في «ق» والطبعة الحجريّة : «التقصير».