إيقاد النار في الليالي المظلمة ليستدلّ بها الصادر والوارد على الطريق فيصلوا إلى مبتغاهم بيسر (١) وينزلوا أضيافاً عليهم ولا يقضوا ليلهم في القفر وهذه النار تُسمّى نار القرى ، وفي فصل الشتاء يفرّقون الكلاب على أخبيتهم ويوثقونها بالأعمدة لكي تزداد وحشيّة وتزيد النباح فيستدلّ السالك في الصحراء أو التائه على وجود الحي فيقصدونه وينزلون أضيافاً عليه ، ولم تذكر هذه المكرمة من نار القرى لواحد من أبناء الأئمّة إلّا لشبيه رسول الله عليّ الأكبر عليهالسلام.
ما قاله معاوية في عليّ الأكبر عليهالسلام :
يقول صاحب نفس المهموم في عليّ الأكبر : وناهيك به فارساً في هذا الميدان ونقاباً يخبر عن مكنون هذا الأمر بواضح البيان ـ إلى أن يقول : ـ وما رواه أبو الفرج عن مغيرة قال : قال معاوية : من أحقّ الناس بهذا الأمر ؟ قالوا : أنت ، قال : لا ، أولى الناس بهذا الأمر عليّ بن الحسين بن عليّ ، جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وفيه شجاعة بني هاشم وسخاء بني أُميّة وزهو ثقيف (٢).
ولا يخفى أنّ قول معاوية هذا ليس يخلو من الغرض الشخصي فقد أراد أن يثبت له نصيباً من هذه الخصال الثلاث.
ثمّ هو أوّلاً أراد أن ينفي النصّ على الحسين عليهالسلام لكي يكون الحكم طليقاً فيجري في بني أُميّة أيضاً وتميل الأعناق عن صاحبها الحقيقي.
وثانياً : أراد استبعاد شروط الخلافة عنها ، وهي العلم والعصمة ، والنصّ من الله ورسوله.
__________________
(١) المعروف أنّها تسمّى نار القرى ، لأنّها توقد ليستدلّ بها الضيف على وجود القرى والطعام ، أمّا الطريق فلا يهتدي إليه بنار توقد في موضع واحد. (المترجم)
(٢) نفس المهموم ، ص ٢٨٥ الهامش : مقاتل الطالبيّين ، ص ٨٠.