فأعادها مرتين أو ثلاثاً ، فسمعتها اُخته زينب (عليها السّلام) وأقبلت عليه حاسرة ، وهي تقول : وا ثكلاه! ليت الموت أعدمني الحياة ، اليوم ماتت فاطمة اُمّي ، وعلي أبي ، وحسن أخي ، يا خليفة الماضي وثمال الباقي (١)!
الحسين (عليه السّلام) : «يا اُخيّة ، لا يذهبنّ حلمك الشيطان».
زينب (عليها السّلام) : بأبي أنت واُمّي يا أبا عبد الله! أستقتلت نفسي فداك؟!
الحسين (عليه السّلام) ردّ غصته وترقرت عيناه ، وقال : «لو تُرك القطا ليلاً لنام». زينب (عليها السّلام) : يا ويلتا! أفتغصب نفسك اغتصاباً؟! فذلك أقرح لقلبي ، وأشدّ على نفسي. ولطمت وجهها ، وأهوت إلى جيبها وشقته ، وخرّت مغشياً عليها.
الحسين (عليه السّلام) قام إليها وصبّ الماء على وجهها فأفاقت. قال لها : «يا اُخيّة ، اتقي الله ، وتعزي بعزاء الله ، واعلمي أنّ أهل الأرض يموتون ، وأنّ أهل السماء لا يبقون ، وأنّ كل شيء هالك إلاّ وجهه ، الله الذي خلق الأرض بقدرته ، ويبعث الخلق فيعودون ، وهو فرد وحده. أبي خير منّي ، واُمّي خير منّي ، وأخي خير منّي ، ولي
__________________
(١) تاريخ الطبري ج ٤ ص ٣١٩.