أختار على الجنّة شيئاً ولو قطّعت وحُرّقت. ثمّ ضرب فرسه ولحق بالحسين (عليه السّلام). ولمّا قرب منه قال له : جعلني الله فداك يابن رسول الله! أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع ، وسايرتك في الطريق ، وجعجعت بك في هذا المكان. والله الذي لا إله إلاّ هو ، ما ظننت أنّ القوم يردّون عليك ما عرضت عليهم أبداً ، ولا يبلغون منك هذه المنزلة. وإنّي قد جئتك تائباً ممّا كان منّي إلى ربّي ، ومواسياً لك بنفسي حتّى أموت بين يديك ، أفترى لي توبة؟
فقال الحسين (عليه السّلام) له : «نعم ، يتوب الله عليك ويغفر لك. ما اسمك؟».
قال : أنا الحرّ بن يزيد الرياحي.
قال الحسين : «أنت الحر كما سمّتك اُمّك ، أنت الحرّ إن شاء الله في الدنيا والآخرة. انزل».
فقال له الحرّ : أنا لك فارساً خير منّي راجلاً. ثمّ جاء ووقف إزاء جيش العدو صارخاً فيهم : يا أهل الكوفة ، لأمّكم الهبل(١) والعبر! أدعوتموه حتّى إذا أتاكم أسلمتموه؟! وزعمتم أنكم قاتلي أنفسكم دونه
__________________
(١) الهبل : التكل.