بعد أن بذل جهده ونصحه ، فلم يزدهم إلاّ فراراً ، ومَثَله فيهم كمثل نوح ـ نبي الله ـ في قومه حينما دعاهم إلى الإيمان والهدى فلم يزدهم إلاّ فراراً ومثله فيهم كمثل نوح نبي الله في قومه حينما دعاهم الى الايمان والهدى فلم يزدهم الا استكبارا.
(قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلاّ فِراراً * وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) (١).
فهكذا توحي لنا هذه الآيات البيّنات وجه الشبه بين دعوة الحسين (عليه السّلام) وبين دعوة نبي الله نوح ، وبين الذين عارضوا الحسين (عليه السّلام) وبين الذين عارضوا نوحاً ، إلاّ أنّ هناك فارقاً بين هؤلاء القوم وبين أولئك ؛ فإنّ الذين عارضوا الحسين (عليه السّلام) لم يكتفوا بمعارضته البيانية كما فعل قوم نوح ، بل حملوا السلاح في وجهه ، ومن ثمّ قتله وقتل أهل بيته وأصحابه. وهذا ما لم يفعله قوم نوح بل اكتفوا بمعارضته وعدم الانصياع لأمره.
ولمّا رشقوا معسكر الحسين (عليه السّلام) بالسهام كأنّها المطر ،
__________________
(١) سورة نوح ص ٥ ـ ١٠.