الإمداد البشري والعسكري ، وللحصار المطوّق به جيشه (عليه السّلام) من كلّ جوانبه ، أخذ رجاله يخرج الرجل تلو الرجل ، فأكثروا القتل في الجيش الاُموي ، وقاتلوا قتال الأبطال ، أمثال : الحرّ بن يزيد ، ونافع بن هلال الجملي وغيرهما ، حتّى ضجر جند اُميّة وتصايح قواده ، فنادى عمر بن الحجّاج بالناس :
أتدرون مَنْ تقاتلون؟ [تقاتلون] فرسان المصر ، قوماً مستميتين ، لا يبرز إليهم منكم أحد فإنّهم قليل ، وقلّما يبقون. والله لو لم ترموهم إلاّ بالحجارة لقتلتموهم (١).
فقاتلوهم حتّى انتصف النهار أشدّ قتال خلقه الله ـ كما وصفهم الطبري ـ ، وقابلوا جيش العدو من وجه واحد لتقارب خيامهم وأبنيتهم ، وهي خطّة عسكرية ناجحة فأمر ابن سعد أن تقوّض هذه الخيام عن أيمانهم وشمائلهم ليحيطوا بهم ويسيطروا عليهم ، فجاؤوا بالنار وأحرقوها ، فقال الحسين (عليه السّلام) : «دعوهم فليحرقوها ؛ فإنّهم لو قد حرقوها لم يستطيعوا أن يجوزوا إليكم منها». وكان كذلك (٢).
__________________
(١) الكامل في التاريخ ـ لابن الأثير ج ٣ ص ٢٩٠ ، تاريخ الطبري ج ٤ ص ٣٣١.
(٢) تاريخ الطبري ج ٤ ص ٣٣٣.