من طالب حقّ ينصرنا! أما من خائف من النار فيذبّ عنّا!» (١).
فصاحت اُخته زينب : «وا أخاه! وا عباساه! وا ضيعتنا بعدك!». وهذه الصيحة تكشف مدى تأثّر حرم أهل البيت بمقتله (عليه السّلام) ، واضطرابهنّ وخوفهنّ ووجلهنّ بعد فقده ومقتله لأنّه كان عماد أخبيتهنّ ، ومسكن روعهنّ ، ولواؤه كان يرفرف على رؤوسهنّ ، فكنّ ينَمنَ قريرات مطمئنات. بعكس الأعداء فقد كانت عيونهم ساهرة ؛ خوفاً من سطوته وبطشه ، وبعد مقتله انعكس الأمر وصارت بنات الرسالة قلقات على مصيرهنّ وأمرهنّ كما قال الشاعر :
اليوم نامت أعينٌ بكَ لم تنمْ |
|
وتسهّدت اُخرى فعزّ منامها |
١١٥ ـ الحسين (عليه السّلام) ينادي قتلاه :
ولمّا قُتل جميع فرسانه ورجاله ، وبقي وحيداً لا ناصر له ولا معين ، أخذ يجول بنظره يميناً وشمالاً ؛ علّه يجد أنصاراً وأعواناً ، فلم يرَ إلاّ أجساماً مجزّرة ومضرّجة كالأضاحي ، قد صافحها
__________________
(١) المنتخب ـ الطريحي ص ٣١٣.