«أعلى قتلي تحاثّون؟! أما والله ، لا تقتلون بعدي عبداً من عباد الله ، والله أسخط عليكم لقتله منّي. وأيم الله ، إنّي لأرجو أن يُكرمني الله بهوانكم ، ثمّ ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون. أما والله ، إن لو قد قتلتموني لألقى الله بأسكم بينكم ، وسفك دماءكم ، ثمّ لا يرضى لكم حتّى يُضاعف لكم العذاب الأليم» (١).
ثمّ أخذ يُقاتل القوم قتالاً شديداً ، وحملت عليه الرجالة من اليمين والشمال ، فحمل (عليه السلام) على من عن يمينه حتى كشفهم ، وعلى من عن شماله حتى كشفهم ، وعليه قميص له من خز وهو معتم ، وقال عبدالله بن عمار : «فو الله ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا ، ولا أمضى جنانا ولا أجرأ مقدما منه ، والله ما رأيت قبله ولا بعيده مثله ، ان كانت الرجالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزى اذا أخذ العطش منه مأخذاً عظيماً ، فاتّجه نحو الفرات يريد أن يروّي
__________________
(١) الطبري ص ٤٥١ وص ٤٥٢ ج ٥.
(٢) تاريخ الطبري ص ٤٥٢ وص ٤٤٩ وص ٥٤٠ ج ٥.