بنفسه ، فوالله ما رأيت قتيلاً قط مضمّخاً بدمه أحسن منه وجهاً ولا أنور ، ولقد شغلني نور وجهه عن الفكرة في قتله. فاستقى الماء في هذا الحال فأبوا أن يسقوه (١).
وقال له رجل من الأعداء : لا تذوق الماء حتّى ترد الحامية فتشرب من حميمها.
الحسين (عليه السّلام) يجيبه : «أنا أرد الحامية! وإنّما أرد على جدّي رسول الله ، وأسكن معه في داره في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، أشكو إليه ما ارتكبتم منّي وفعلتم بي». فغضبوا بأجمعهم حتّى كأنّ الله لم يجعل في قلب أحدهم من الرحمة شيئاً (٢).
١٢٣ ـ الحسين (عليه السّلام) يناجي ربه :
الحسين (عليه السّلام) لم يترك شيئاً إلاّ وبذله في طاعة الله ورضوانه ، ولم يبخل بمال ، أو جاه ، أو نفس ، أو ولد في سبيله تعالى. وأخيراً : إنّه لم يملك إلاّ أنفاساً تصعد وتنزل وهي في طريقها إلى لقاء ربّها ، وهو طريح على الرمضاء قد كلّلته قطع السيوف والرماح
__________________
(١) مقتل الحسين ـ عبد الرزاق المقرّم ص ٣٥٦.
(٢) مقتل ابن نما ص ٤٩ ، مقتل الحسين ـ عبد الرزاق المقرّم ص ٣٥٩.