لهم كيف ترون موضعي فيكم وحسبي منكم؟ فقالوا : بخ بخ! أنت والله فقرة الظهر ، ورأس الفخر ، حللت في الشرف وسطاً ، وتقدّمت فيه فرطاً. قال : فإنّي قد جمعتكم لأمر أريد أن أشاوركم فيه ، وأستعين بكم عليه. فقالوا : إنّا والله نمنحك النصيحة ، ونجهد لك الرأي ، فقل حتّى نسمع. فقال (رضوان الله عليه) : «إنّ معاوية مات ، فأهون به والله هالكاً ومفقوداً ، ألا وإنّه قد انكسر باب الجور والإثم ، وتضعضعت أركان الظلم ، وكان قد أحدث بيعة عقد بها أمراً ظنّ أنّه قد أحكمه ، وهيهات الذي أراد! اجتهد والله ففشل ، وشاور فخذل. وقد قام ابنه يزيد شارب الخمور ، ورأس الفجور ، يدّعي الخلافة على المسلمين ، ويتأمّر عليهم بغير رضاً منهم ، مع قصر حلم وقلّة علم ، لا يعرف من الحقّ موطئ قدميه ، فأقسم بالله قسماً مبروراً ، لجهاده على الدين أفضل من جهاد المشركين. وهذا الحسين بن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ذو الشرف الأصيل ، والرأي الأثيل ، له فضل لا يوصف ، وعلم لا ينزف ، وهو أولى بهذا الأمر ؛ لسابقته ، وسنّه ، وقدمه ، وقرابته. يعطف على الصغير ويحنوا على الكبير ، فأكرم به راعي رعية ، وإمام قوم ، وجبت لله به الحجّة ، وبلغت به الموعظة ؛ فلا تعشوا عن نور الحقّ ، ولا تسكعوا في