«والله لئن اُقتل خارجاً منها بشبر أحبّ إليّ من أن اُقتل داخلاً فيها بشبر. وأيم الله ، لو كنت في ثقب هامّة من هذه الهوام لاستخرجوني حتّى يقضوا فيّ حاجتهم ، ووالله ليعتدنّ عليّ كما اعتدت اليهود في السبت» (١).
فعجّل (عليه السّلام) بالخروج من مكّة لهذا السبب قاصداً العراق ، وخصوصاً بعد أن وصلته كتبهم ، فعندما عزم تهيّأ للخروج ، ثمّ قام فخطب قائلاً : «الحمد لله ، وما شاء الله ، ولا قوّة إلاّ بالله ، وصلّى الله على رسوله ، خُطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة ، وما أولهني (٢) إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف. وخير لي مصرع أنا لاقيه ، كأنّي بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات (٣) بين النواويس وكربلاء ، فيملأنّ منّي أكراشاً جوفاً ، وأجربةً سغباً ، لا محيص عن يوم خُطّ بالقلم ، رضا الله رضانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين. لن تشذّ عن رسول الله لحمته
__________________
(١) تاريخ الطبري ص ٢٧٦ ج ٤.
(٢) الوله : الحنين.
(٣) عسلان الفلاة : الذئاب والعسلان الرماح.