أنّه قد استقامت له الأمور ، وصفا له الجو ، فأحبّ (عليه السّلام) أن يخبرهم بذلك ليكونوا على بيّنة من أمرهم ومصيرهم ؛ لئلاّ يُقال : إنّه (عليه السّلام) غرّر بهم ، وضلّل عليهم الأمر ، لأنّهم اتّبعوه طلباً للرزق ، فاستغل هذا الجانب لتكثير جمعه وزيادة أصحابه كما يستغلّ الكثير من أصحاب الثورات التي اندلعت بعد ثورة الحسين (عليه السّلام) حاملين بعض الشعارات لتضليل بسطاء الناس وإغوائهم ؛ وذلك زيادة في الجمع والعدد. ولكن الحسين (عليه السّلام) شريف في ثورته ، ونبيل في استعمال وسائلها ؛ فلهذا أخبرهم بذلك حتّى لا يبقى معه إلاّ مَنْ كان موطّناً نفسه على لقاء الله نفسه.
٤١ ـ منطقة بطن العقبة :
ولمّا كان وقت السحر أمر (عليه السّلام) غلمانه وفتيانه ، فاستقوا الماء وأكثروا ، ثمّ سار (عليه السّلام) حتّى مرّ بمنطقة بطن العقبة ، فلقيه عمر بن لوذان شيخ من بني عكرمة فسأله عن مقصده ، ثمّ ناشد الحسين (عليه السّلام) أن لا يذهب إلى الكوفة لأنّه لا يقدم إلاّ على الأسنّة وحدّ السيوف. فقال الحسين (عليه السّلام) : «يا عبد الله ، إنّه ليس يخفى عليّ ، الرأي ما رأيت ، ولكن الله لا يغلب على أمره. والله لا يدعوني حتّى يستخرجوا هذه