وذهب حديثا مور إلى الدفاع عن اللغة العادية معتبرا إياها الأساس لكل اصطلاح جاعلا اللغة العادية ترتبط بالحس المشترك والحكم الصائب ، قائلا إنّ تناقض مذاهب الفلاسفة يعود إلى عبثهم باللغة العادية ، وإنّ كل ذلك يحصل عند انتقالهم من استعمال إلى آخر باللفظ ومن غير علم فيقعون بذلك في المحال (١).
بينما انتقد رسل اللغة العادية لأنّها بنظره عاجزة عن التعبير الدقيق عن المفاهيم العلمية ، كما أن نظمها syntax كثير ما يضلّل (٢).
في حين أكّد فتغنشتين على أنّ اللغة العادية هي المعيار الذي نحكم به على صحة أو بطلان ما يقال من عبارات. يضاف إلى ذلك ميله إلى وضع لغة مثالية منطقية. وخلاصة ما ذهب إليه أنّ اللغات المثالية بالنهاية ما هي إلا مواضعات لا تعدو كونها توضيحات للغة العادية (٣).
كما ذهب شليك إلى أنّ وضع العبارات الجديدة في اللغة يكون عند التعبير عن وقائع في الوجود الخارجي ، وهذا يتم على مستوى اللفظ أو الجملة أي الحدّ المتصوّر ـ المصطلح ـ أو القضية. وبكلمة أبسط ، أي ضرورة وجود (علامات ، اشارات ، أسماء) بقدر وجود وقائع وأفكار عن وقائع (٤).
فهل ما ذهب إليه ، إذا أخذنا به لدراسة العربية ، يسائلنا : أتكمن المشكلة في الأسماء الجديدة أم في الوقائع؟ وممّا لا شك فيه أنّ تيار شليك يؤكد على فعل الوقائع ، بمثل ما أكد انبناء العربية على الوقائع المجرّبة المحسوسة. وهذا أمر يجعلنا نذهب مع القائلين إلى أنّ تلبية العربية للمعرفة المعاصرة وللكشف يكمن في سر المساهمة في وقائع جديدة ، أي الانخراط في علوم العصر والمشاركة في التفنين والكشف والابداع. وإن صح القول إحداث المعاني وفهمها ، بهضم الجديد وتمثله وليس بالترجمة الحرفية.
حينئذ تلعب اللغة العادية دورها في صياغة المصطلح والاسم الجديد مستأنسة
__________________
(١) ١٩٤٨.Moore, G. E., Principia Ethica, Cambridge, the university press,White, A. R., G. E. Moore, A Critical Exposition, Oxford, Basil Black well,١٩٥٨,p ٣٤ ـ ٣٢.
(٢)Russell, B., Reply to Criticism in shlipp, P. A. ed.; The Philosophy of Bertrand Russell, p. ٦٩٤.
(٣) لودفيغ فتغنشتين ، رسالة منطقية فلسفية ، ترجمة عزمي اسلام ، مراجعة زكي نجيب محمود ، القاهرة ، الانغلو مصرية ، ١٩٦٨.
(٤) Quoted in Waismann, F, The Principles of Linguistic philosophy, Edited by Hare, R Macmilan, London, Melbourne, Toronto, New York, St. Martin\'s Press,١٩٦٨,pp. ٦٠٣ ـ ٤٠٣.