والذي هو خليفته يسمّى إماما. وقولنا يجب اتباعه الخ يخرج من ينصّبه الإمام في ناحية كالقاضي ، ويخرج المجتهد أيضا إذ لا يجب اتباعه على الأمة كافة بل على من قلّده خاصة ، ويخرج الآمر بالمعروف أيضا. وهذا التعريف أولى من قولهم الإمامة رئاسة عامة في أمور الدين لشخص من الأشخاص. وقيد العموم احتراز عن القاضي والرئيس وغيرهما. والقيد الأخير احتراز عن كل الأمة إذا عزلوا الإمام عند فسقه ، فإنّ الكل ليس شخصا واحدا وإنما كان أولى إذ ينتقض هذا التعريف بالنبوّة.
فائدة :
في شروط الإمامة الجمهور على أنّ أهل الإمامة ومستحقها من هو مجتهد في الأصول والفروع شجاع ذو رأي. وقيل لا تشترط هذه الصفات الثلاث. نعم يجب أن يكون عدلا عاقلا بالغا ذكرا حرا ، فهذه الشروط الخمسة بل الثمانية معتبرة بالإجماع ، إذ القول بعدم اشتراط الثلاث الأول مما لا يلتفت إليه ، وهاهنا صفات أخر في اشتراطها خلاف. الأولى أن يكون قريشيا اشترطه الأشاعرة والجبائية (١) ومنعه الخوارج وبعض المعتزلة. الثانية أن يكون هاشميّا شرطه الشيعة. الثالثة أن يكون عالما لجميع مسائل الدين شرطه الإمامية أيضا.
الرابعة ظهور الكرامة على يده وبه قال الغلاة (٢) ولم يشترط هذه الثلاثة الأشاعرة. والخامسة أن يكون معصوما شرطها الإمامية والإسماعيلية ولم يشترطها الأشاعرة.
فائدة :
يثبت الإمامة بالنصّ من الرسول أو من السابق بالإجماع ويثبت أيضا بتبعية أهل الحلّ والعقد عند أهل السنة والجماعة والمعتزلة الصالحية (٣) من الزيدية (٤) خلافا لأكثر الشيعة ، فإنهم قالوا لا طريق إلاّ النص. وان شئت الزيادة فارجع إلى شرح المواقف وغيره. وقال بعض الصوفية الإمامة قسمان إمامة ظاهرية وإمامة باطنية وسيجيء في لفظ الخلافة.
الإمامية : [في الانكليزية] Al ـ Imamiyya (sect) ـ [في الفرنسية] Al ـ Imamiyya (secte)
فرقة من الشيعة قالوا بالنصّ الجلي على إمامة عليّ وكفّروا الصحابة (٥) ، ووقعوا فيهم وساقوا الإمامة إلى جعفر الصادق (٦) واختلفوا
__________________
(١) الجبائية : فرقة من المعتزلة أصحاب محمد بن عبد الوهاب الجبائي ، من معتزلة البصرة ، وكانت لهذه الفرقة آراء خاصة فيما يتعلق بطاعة الله وأفعال العباد. وقد فصّل آراءها ومعتقداتها كل من : الملل ٧٨ ، الفرق ١٨٣ ، التبصير ٥٢ ، طبقات المعتزلة ٨٠ ، العبر ٢ / ١٢٥.
(٢) الغلاة : من الفرق الرافضة التي انشقت عنها وتطرفت في معتقداتها حتى قالوا بإلهية الأئمة وأباحوا محرمات الشريعة ، وأسقطوا وجوب الفرائض واعتقدوا اعتقادات باطلة حتى لقبوا بالغلاة وأخرجوا من دائرة الإسلام. وهؤلاء الغلاة انقسموا إلى عشرين فرقة ، منها السبئية ، البيانية ، المغيرية ، الجناحية ، الخطابية وغيرها. وقد ذكرها البغدادي في الفرق ٢٣٠ ، الملل النحل ١٧٣ ، التبصير ٧١ وما بعدها.
(٣) الصالحية : من فرق الشيعة الزيدية ، أصحاب الحسن بن صالح بن حي ، توقفوا في تكفير عثمان إلا إن ورد خبر بذلك. وأن عليا هو أفضل الناس بعد رسول الله ، كما جوزوا إمامة المفضول مع وجود الفاضل وغير ذلك من الآراء. الملل ١٦١ ، الفرق ٣٣ ، مقالات ١ / ١٣٦ ، التبصير ١٧.
(٤) الزيدية : فرقة شيعية أتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. ساقوا الإمامة في أولاد فاطمة ولم يجوزا ثبوت الإمامة في غيرهم. وكانت لهم آراء مخالفة للشيعة الإمامية والإسماعيلية. ثم انقسموا إلى فرق عدة ، ذكرتها كتب الفرق والمقالات والعقيدة : الملل ١٥٤ ، الفرق ٢٩ ، مقالات الإسلاميين ١ / ١٣٢ ، التبصير ١٦.
(٥) وكفروا الصحابة (ـ ع).
(٦) جعفر الصادق هو الإمام جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط الهاشمي القرشي ، أبو عبد الله الملقب بالصادق. ولد بالمدينة المنورة عام ٨٠ هـ / ٦٩٩ م. وتوفي فيها عام ١٤٨ هـ / ٧٦٥ م. سادس الأئمة الاثني