يدعو ؛ وأعمّ مطلقا من القلب إذ القلب مختص في اصطلاحهم بإبدال حروف العلّة والهمزة بعضها مكان بعض. إلاّ أنّ (١) المشهور في غير الأربعة لفظ الإبدال ، كذا ذكر الرضي ويجيء في لفظ الإعلال أيضا.
قال في الاتقان في نوع بدائع القرآن : الإبدال هو إقامة بعض الحروف مقام بعض. وجعل منه ابن فارس فانفلق أي انفرق. وعن الخليل (٢) (فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ) (٣) أنه أريد فحاسوا فقامت الجيم مقام الحاء ، وقد قرئ بالحاء أيضا. وجعل منه الفارسي (٤) (فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ) (٥) أي الخيل. وجعل منه أبو عبيدة (٦) (إِلاَّ مُكاءً وَتَصْدِيَةً) (٧) أي تصددة انتهى. وهذا المعنى ليس عين المعنى الذي ذكره ابن الحاجب بل قريب منه ، لعدم الاشتراط هاهنا بكون الحرف المبدل من حروف الإبدال كما لا يخفى.
وعند النحاة تابع مقصود دون متبوعه ، ولفظ التابع يتناول تابع الاسم وغيره لعدم اختصاص البدل بالاسم ، فإنه يجوز أن يقع الاسم المشتق بدلا من الفعل نحو مررت برجل يضرب ضارب على ما في بعض حواشي الإرشاد في بيان خواص الاسم ، وكذا يجوز أن يبدل الفعل من الفعل إذا كان الثاني راجحا في البيان على الأول كقول الشاعر (٨) :
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا
فإنّ تلمم من الإلمام وهو النزول بدل من تأتنا على ما في العباب ، وكذا يجوز أن يكون جملة مبدلة من جملة لها محل من الإعراب أوّلا بشرط كون الثانية أوفى من الأولى بتأدية المعنى المراد كما ستعرف. ثم المراد بكونه مقصودا دون المتبوع أن يكون ذكر المتبوع أي المبدل منه توطئة لذكره حقيقة أو حكما كما في بدل الغلط ، فإنه وإن لم يجعل توطئة بل كان سبق لسان ، لكنه في حكم التوطئة ، فإنه في حكم الساقط ، فخرج من الحدّ النعت والتأكيد وعطف البيان لعدم كونها مقصودة ، وكذا العطف بالحرف لكون متبوعه مقصودا أيضا. ولا يرد على التعريف المعطوف ببل لأن متبوعه مقصود ابتداء ، ثم بدأ له شيء فأعرض عنه ببل وقصد المعطوف فكلاهما مقصودان وإنما لم نقل تابع مقصود بالنسبة إلى آخره على ما قالوا
__________________
(١) إلاّ أن (ـ م ، ع).
(٢) الخليل بن أحمد : هو الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي ، أبو عبد الرحمن. ولد بالبصرة عام ١٠٠ هـ / ٧١٨ م وتوفي فيها عام ١٧٠ هـ / ٧٨٦ م. من أئمة اللغة والأدب ، أستاذ سيبويه في النحو ، وواضع علم العروض ، عارف بالموسيقى. له عدة مؤلفات هامة. الاعلام ٢ / ٣١٤ ، وفيات الأعيان ١ / ١٧٢ ، إنباه الرواة ١ / ٣٤١ ، نزهة الجليس ١ / ٨٠.
(٣) الإسراء / ٥.
(٤) أبو علي الفارسي : هو الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي الأصل ، أبو علي. ولد بفارس عام ٢٨٨ هـ / ٩٠٠ م وتوفي ببغداد عام ٣٧٧ هـ / ٩٨٧ م. من أئمة اللغة والأدب وعلوم العربية ، تجوّل في البلدان ووضع العديد من المؤلفات الهامة. الأعلام ٢ / ١٧٩ ، وفيات الأعيان ١ / ١٣١ ، تاريخ بغداد ٧ / ٢٧٥ ، إنباه الرواة ١ / ٢٧٣.
(٥) ص / ٣٢.
(٦) أبو عبيدة : هو معمر بن المثنى التيمي البصري ، أبو عبيدة النحوي. ولد في البصرة عام ١١٠ هـ / ٧٢٨ م وتوفي فيها عام ٢٨ هـ / ٨٢٤ م. من أئمة العلم باللغة والأدب ، حافظ للحديث وقيل إنه كان إباضيا شعوبيا. له الكثير من المؤلفات الهامة. الاعلام ٧ / ٢٧٢ ، وفيات الأعيان ٢ / ١٠٥ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٣٣٨ ، بغية الوعاة ٣٩٠ ، ميزان الاعتدال ٣ / ١٨٩ ، طبقات النحويين واللغويين ١٩٢.
(٧) الأنفال / ٣٥.
(٨) عبيد الله الحر الجعفي : هو الشاعر عبيد الله بن الحر بن عمرو الجعفي ، من بني سعد العشيرة. مات غريقا بالفرات عام ٦٨ هـ / ٦٨٧ م. من فحول الشعراء ، قائد شجاع. كان من خيار قومه شرفا وصلاحا وفضلا. الأعلام ٤ / ١٩٢ ، تاريخ الطبري ٧ / ١٦٨ ، خزانة الأدب ١ / ٢٩٦ ، رغبة الأمل ٨ / ٤٢.