فيها غير حاصل من تكرار المشاهدة ، والفطريات لأنّ القياس فيها لازم للطرفين. ثم الظاهر أنّ مصداق التجربة الكلية حصول اليقين كما في التواتر لا بلوغ المشاهدة إلى حدّ معيّن من الكثرة. قالوا لا بدّ في التجربيّات (١) من وقوع فعل الإنسان لكن لا يشترط أن يفعله الحاكم المجرّب بنفسه ، بل يكفي وقوعه من غيره ، كما إذا تناول شخص السقمونيا ووقع الإسهال وشاهد شخص آخر ذلك مرارا حصل له العلم التجربي قطعا. واعترض عليه بأنّ الأحكام النجومية من التجربيّات ولا تتوقف على فعل إنسان أصلا ، كما أنّ الحدسيّات كذلك. ولذا قال شارح إشراق الحكمة إنّ المجربات لا تقال إلاّ في التأثير والتأثّر ، فلا يقال جربت أنّ السواد هيئة نار أو أنّ هذه النار أسود ، بل يقال جرّبت أنّ النار محرقة وأنّ السقمونيا مسهّل انتهى. فلم يشترط فيها فعل الإنسان بل التأثير والتأثّر ، هذا كله خلاصة ما في الصادق الحلواني حاشية الطيبي وما حققه المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح المواقف.
التّجرّد : [في الانكليزية] The abstract ـ [في الفرنسية] L\'abstrait
في اللغة الخلوّ ، وعند الحكماء عبارة عن كون الشيء بحيث لا يكون مادة ولا مقارنا للمادة مقارنة الصورة والأعراض ، كذا في شرح التجريد.
التجريد : [في الانكليزية] Stripping ، denudation ، abstraction ، antonomasia ـ [في الفرنسية] Depouillement ، denudation ، abstraction ، antonomase
في اللغة الفارسية : برهنه كردن ، وهو هنا يعادل (التعرية) وسلّ الحسام من الغمد ، وقطع أغصان الأشجار ، كما في كنز اللغات. وهو في اصطلاح الصوفية : اعتزال الخلق وترك العلائق والعوائق ، والانفصال عن الذّات ، كما في كشف اللغات. ويقول في لطائف اللغات : التجريد : قطع العلائق الظاهرية ، والتفريد قطع العلاقات الباطنية (٢). وعند اهل الفرس من البلغاء يطلق على قسم من الاستعارة كما يجيء في فصل الراء من باب العين. وعند أهل العربية يطلق على معان منها تجريد اللفظ الدّال على المعنى عن بعض معناه كما جرّد الإسراء عن معنى الليل وأريد به مطلق الإذهاب لا الإذهاب بالليل في قوله تعالى (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) (٣). ومنها عطف الخاص على العام سمّي به لأنه كأنه جرّد الخاص من العام وأفرد بالذكر تفضيلا نحو قوله تعالى (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) (٤) على ما في الإتقان ويجيء في لفظ العطف أيضا. ومنها خلوّ البيت من الردف والتأسيس. والقافية المشتملة على التجريد تسمّى مجرّدة ، وهذا المعنى يستعمل في علم القوافي. ومنها ذكر ما يلائم المستعار له ويجيء في بيان الاستعارة المجرّدة وفي لفظ الترشيح. ومنها ما هو مصطلح أهل البديع فإنهم قالوا من المحسنات المعنوية التجريد وهو أن ينتزع من أمر ذي صفة أمر آخر مثله في تلك الصفة مبالغة في كمالها فيه أي لأجل المبالغة في كمال تلك الصفة في ذلك الأمر ذي الصفة ، حتى كأنه بلغ من الاتصاف بتلك الصفة إلى حيث يصح أن ينتزع منه موصوف آخر بتلك
__________________
(١) التجربات (م).
(٢) برهنه كردن وشمشير از نيام بدر كشيدن وبريدن شاخهاى درخت كما في كنز اللغات. ودر اصطلاح صوفيه تجريد از خلائق وعلائق وعوائق وتفريد از خودي كما في كشف اللغات. ودر لطائف اللغات ميگويد تجريد بمعني قطع تعلقات ظاهريست وتفريد قطع تعلقات باطني.
(٣) الإسراء / ١.
(٤) البقرة / ٢٣٨.