قالوا الأرواح تتناسخ ، فكان روح الله في آدم ثم في شيث ثم في الأنبياء والأئمة حتى انتهت إلى علي وأولاده الثلاثة ثم إلى عبد الله. وقالوا عبد الله حي مقيم بجبل أصفهان ، وسيخرج ، وأنكروا القيامة واستحلّوا المحرّمات كالخمر والميتة والزنا (١) ، كذا في شرح المواقف.
الجناس : [في الانكليزية] Paronomasia ، paronymy ، pun ـ [في الفرنسية] Paronomase ، paronymie ، calembour
عند أهل البديع هو من المحسّنات اللفظية هو تشابه اللفظين في اللفظ ، أي في التلفّظ ويسمّى بالتجنيس أيضا. والمراد بالتلفّظ أعم من الصريح وغير الصريح ، فدخل تجنيس الإشارة وهو أن لا يظهر التجنيس باللفظ بل بالإشارة كقولنا حلقت لحية موسى باسمه. وخرج التشابه في المعنى نحو أسد وسبع أو مجرّد عدد الحروف أو الوزن نحو ضرب وعلم وقتل.
وفائدة الجناس الميل إلى الإصغاء إليه فإنّ مناسبة الألفاظ تحدث ميلا وإصغاء إليها ، ولأنّ اللفظ المشترك إذا حمل على معنى ثم جاء والمراد به معنى آخر كان النفس تشوق إليه.
التقسيم
الجناس ضربان. أحدهما التّام وهو أن يتفق اللفظان في أنواع الحروف وأعدادها وهيئاتها وترتيبها. فبقولنا أنواع الحروف خرج نحو يفرح ويمزج فإنّ كلا من الفاء والميم وكذا بواقي الحروف أنواع مختلفة. وبقولنا وأعدادها خرج نحو الساق والمساق. وبقولنا هيئاتها نحو البور والبور بفتح الموحدة في أحدهما وضمها في الآخر ، فإنّ هيئة الكلمة كيفية تحصل لها باعتبار حركات الحروف وسكناتها. وبقولنا وترتيبها أي تقديم بعض الحروف على بعض وتأخيره عنه خرج نحو الفتح والحتف. ثم إن كان اللفظان المتفقان فيما ذكر من نوع واحد من أنواع الكلمة كالاسم مثلا يسمّى مماثلا ، لأنّ التماثل هو الاتحاد في النوع نحو (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ) (٢) أي من ساعات الأيام والساعة الأولى بمعنى القيامة. وقيل الساعة في الموضعين بمعنى واحد. والتجنيس أن يتفق اللفظان ويختلف المعنى ولا يكون أحدهما حقيقة والآخر مجازا ، بل يكونان حقيقتين ، وزمان القيامة وإن طال لكنه عند الله في حكم الساعة الواحدة ، فإطلاق الساعة على القيامة مجاز ، وبذلك يخرج الكلام عن التجنيس ، كما لو قلت ركبت حمارا ولقيت حمارا أي بليدا. وإن كان اللفظان من نوعين يسمّى مستوفى كقول ابي تمام :
ما مات من كرم الزمان فإنه |
|
يحيى لدى يحيى بن عبد الله |
فإن يحيى الأول فعل مضارع والثاني علم. وأيضا التام إن كان أحد لفظيه مركبا والآخر مفردا يسمّى جناس التركيب والجناس المركّب. والمركّب إن كان مركّبا من كلمة وبعض كلمة يسمّى مرفوّا نحو (عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ) (٣) وإن كان مركّبا من كلمتين ، فإن اتفق اللفظان في الخط يسمّى متشابها نحو :
__________________
(١) الجناحية من فرق الغلاة أتباع عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، زعموا أن روح الإله تحلّ في الأنبياء والأئمة وتنتقل فيما بينهم ، وأنكروا القيامة والجنة والنار ، كما استحلوا الزنا واللواط والخمر وأكل الميتة ، ونسخوا العبادات وأوّلوها. ولهم آراء صريحة في الكفر. وهم عموما من الفرق التي خرجت من الإسلام ولا تمت له بصلة. التبصير ١٢٦ ، مقالات ١ / ٦٧ ، الفرق ٢٤٥ ، المواقف ٨ / ٣٨٦ ، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ٥٩ ، الفخري ١٦٢.
(٢) الروم / ٥٥.
(٣) التوبة / ١٠٩.