الحالة أعم من أن تكون محقّقة كما في الحال المحقّقة أو مقدّرة كما في الحال المقدّرة. وأيضا هي أعمّ من حال نفس الفاعل أو المفعول أو متعلّقهما مثلا نحو جاء زيد قائما أبوه ، لكنه يشكّل بمثل جاء زيد والشمس طالعة ، إلاّ أن يقال : الجملة الحالية تتضمّن بيان صفة الفاعل أي مقارنة بطلوع الشمس. وأيضا هي أعمّ من أن تدوم الفاعل أو المفعول أو تكون كالدائم لكون الفاعل أو المفعول موصوفا بها غالبا كما في الحال الدائمة ، ومن أن تكون بخلافه كما في الحال المنتقلة. ولا بدّ من اعتبار قيد الحيثية المتعلّقة بقوله يبيّن أي يبيّن هيئة الفاعل أو المفعول به من حيث هو فاعل أو مفعول. فبذكر الهيئة خرج ما يبيّن الذات كالتمييز ، وبإضافتها إلى الفاعل والمفعول به يخرج ما يبيّن هيئة غيرهما كصفة المبتدأ نحو : زيد العالم أخوك. وبقيد الحيثية خرج صفة الفاعل أو المفعول فإنّها تدلّ على هيئة الفاعل أو المفعول مطلقا لا من حيث إنّه فاعل أو مفعول. ألا ترى أنهما لو انسلخا عن الفاعلية والمفعولية وجعلا مبتدأ وخبرا أو غير ذلك كان بيانها لهيئتهما محالا (١). وهذا الترديد على سبيل منع الخلوّ لا الجمع ، فلا يخرج منه نحو ضرب زيد عمروا راكبين. والمراد بالفاعل والمفعول به أعمّ من أن يكون حقيقة أو حكما فيدخل فيه الحال عن المفعول معه لكونه بمعنى الفاعل أو المفعول به ، وكذا عن المصدر مثل : ضربت الضرب شديدا فإنه بمعنى أحدثت الضرب شديدا ، وكذا عن المضاف إليه كما إذا كان المضاف فاعلا أو مفعولا يصحّ حذفه وقيام المضاف إليه مقامه ، فكأنّه الفاعل أو المفعول نحو : (بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) (٢) إذ يصح أن يقال : بل نتبع إبراهيم حنيفا ، أو كان المضاف فاعلا أو مفعولا وهو جزء المضاف إليه ، فكان الحال عنه هو الحال عن المضاف ، وإن لم يصح قيامه مقامه كمصبحين في قوله تعالى (أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) (٣) فإنّه حال عن هؤلاء باعتبار أن الدابر المضاف إليه جزؤه وهو مفعول ما لم يسمّ فاعله باعتبار ضميره المستكن في المقطوع. ولا يجوز وقوع الحال عن المفعول فيه وله لعدم كونهما مفعولين لا حقيقة ولا حكما. اعلم أنّه جوّز البعض وقوع الحال عن المبتدأ كما وقع في چلپي التلويح ، وجوّز المحقق التفتازاني والسيّد الشريف وقوع الحال عن خبر المبتدأ ، وقد صرّح في هداية النحو (٤) أنّه لا يجوز الحال عن فاعل كان. فعلى مذهبهم هذا الحدّ لا يكون جامعا ، والظاهر أنّ مذهب ابن الحاجب مخالف لمذهبهم ، ولذا جعل الحال في : زيد في الدار قائما عن ضمير الظرف لا من زيد المبتدأ ، وجعل الحال في : هذا زيد قائما عن زيد باعتبار كونه مفعولا لأشير أو أنبه المستنبطين من فحوى الكلام. وقوله لفظا أو معنى أي سواء كان الفاعل والمفعول لفظيا بأن يكون فاعلية الفاعل ومفعولية المفعول باعتبار لفظ الكلام ومنطوقه من غير اعتبار أمر خارج يفهم من فحوى الكلام ، سواء كانا ملفوظين حقيقة نحو ضربت
__________________
(١) بحاله (م ، ع).
(٢) البقرة / ١٣٥.
(٣) الحجر / ٦٦.
(٤) هداية النحو : لمؤلف مجهول ، قال أنه مختصر مضبوط في النحو جمعت فيه مهمات النحو على ترتيب الكافية لابن الحاجب (ـ ٦٤٦ هـ). ويذكر بروكلمان انه تهذيب للكافية ومؤلّفه مجهول ، إلا انه ينسب في رامپور ١ / ٥٥٧ لمولوي سراج الدين الأودهي الذي ألّف كتاب ميزان الصرف. معجم المطبوعات العربية والمعرّبة ، ص ٢٠٢٤. بروكلمان ، ج ٥ ، ص ٣٢٦.