والزمان. ويقول في مدار الأفاضل : الدّور بالفتح معروف ويقال له : العهد والزّمان وكلّ كوكب دورته ألف سنة ، والدور الأخير هو قمري حيث بعث فيه خاتم النبيين. (١)
والدور عند الحكماء والمتكلّمين والصوفيّة توقّف كل من الشيئين على الآخر إمّا بمرتبة ويسمّى دورا مصرحا وصريحا وظاهرا كقولك الشمس كوكب نهاري والنهار زمان كون الشمس طالعة ، وإمّا بأكثر من مرتبة ويسمّى دورا مضمرا وخفيا كقولك الحركة خروج الشيء من القوة إلى الفعل بالتدريج ، والتدريج وقوع الشيء في زمان ، والزمان مقدار الحركة والدور المضمر أفحش إذ في المصرّح يلزم تقدم الشيء على نفسه بمرتبتين. وفي المضمر بمراتب ، فمراتب التقدّم تزيد على مراتب الدور بواحد دائما. وفي العضدي التوقّف ينقسم إلى توقف تقدم كما للمعلول على العلة والمشروط على الشرط ، والتوقف من الطرفين بهذا المعنى دور ومحال ضرورة استلزامه تقدّم الشيء على نفسه وإلى توقّف معية كتوقف كون هذا ابنا لذلك على كون ذلك أبا له ، وبالعكس. وهذا التوقّف لا يمتنع من الطرفين وليس دورا مطلقا وإن كان يعبّر عنه بدور المعية مجازا ، فالمعتبر في الدور الحقيقي هو توقف التقدم انتهى.
اعلم أنّ الدور هو توقّف كلّ واحد من الشيئين على الآخر فالدور العلمي هو توقّف العلم بكون كل المعلومين على العلم بالآخر والإضافي المعي هو تلازم الشيئين في الوجود بحيث لا يكون أحدهما إلاّ مع الآخر والدور المساوي كتوقّف كل من المتضايفين على الآخر وهذا ليس بمحال ، وإنّما المحال الدور التوقّفي التقدّمي وهو توقف الشيء بمرتبة أو بمراتب على ما يتوقف عليه بمرتبة أو بمراتب. فإذا كان التوقّف في كل واحد من الشيئين بمرتبة واحدة كان الدور مصرحا وإن كان أحدهما أو كلاهما بمراتب كان الدور مضمرا. مثال التوقّف بمرتبة كتعريف الشمس بأنّه كوكب نهاري ، ثم تعريف النهار بأنه زمان طلوع الشمس. [فوق الأفق] (٢) ومثال التوقّف بمراتب كتعريف الاثنين بأنه زوج أول ، ثم تعريف الزوج بالمنقسم بمتساويين ، ثم تعريف المتساويين بأنه الاثنان. والدور يكون في التصوّرات والتصديقات ، والمصادرة مخصوصة بالتصديقات. والمصادرة كون المدّعى عين الدليل أي كون الدليل عين الدعوى ، أو كون كون الدعوى جزء الدليل أي إحدى مقدّمتي الدليل ، أو عين ما يتوقّف عليه الدليل ، أو عين ما يتوقّف عليه مقدمة الدليل أو جزء ما يتوقّف عليه مقدمة الدليل هكذا في كليات أبي البقاء.
فائدة :
قالوا الدور يستلزم التسلسل. بيان ذلك أن نقول إذا توقّف آ على ب و ب على آ كان آ مثلا موقوفا على نفسه ، وهذه (٣) وإن كان محالا لكنه ثابت على تقدير الدور. ولا شكّ أنّ الموقوف عليه غير الموقوف ، فنفس آ غير آ ، فهناك شيئان آ ونفسه ، وقد توقّف الأول على الثاني. ولنا مقدمة صادقة هي أنّ نفس آ ليست إلاّ آ وحينئذ يتوقّف نفس آ على ب و ب على آ ، فيتوقّف نفس نفس (٤) آ على نفسها يعني على نفس نفس آ فتتغايران لما مرّ. ثم نقول إنّ نفس نفس آ ليست إلا آ فيلزم أن يتوقّف على ب ، و ب على
__________________
(١) ودر مدار الافاضل ميگويد دور بالفتح معروف وعهد زمان گويند دور هر ستاره هزار سال است ودور آخرين قمري است كه درو بعث خاتم النبيين شد.
(٢) [فوق الأفق] (+ م ، ع).
(٣) وهذا (م ، ع).
(٤) نفس (ـ م).