حرف الذال
(ذ)
الذّات : [في الانكليزية] Eence ، substance ، the self ـ [في الفرنسية] Eence ، substance ، le soi
هو يطلق على معان. منها الماهيّة بمعنى ما به الشيء هو هو وقد سبق تحقيقه في لفظ الحقيقة. وعلى هذا قال في الإنسان الكامل : إنّ مطلق الذّات هو الأمر الذي تستند إليه الأسماء والصّفات في عينها لا في وجودها ، فكلّ اسم أو صفة استند إلى شيء ، فذلك الشيء هو الذّات ، سواء كان معدوما كالعنقاء أو موجودا. والموجود نوعان نوع هو موجود محض وهو ذات الباري سبحانه ، ونوع هو موجود ملحق بالعدم وهو ذات المخلوقات.
واعلم أنّ ذات الله تعالى عبارة عن نفسه التي هو بها موجود لأنّه قائم بنفسه ، وهو الشيء الذي استحقّ الأسماء والصفات بهويّته ، فيتصوّر بكلّ صورة تقتضيها منه كل معنى فيه ، أعني اتّصف بكلّ صفة تطلبها كلّ نعت واستحقّ بوجوده كلّ اسم دلّ عل مفهوم يقتضيه الكمال. ومن جملة الكمالات عدم الانتهاء ونفي الإدراك ، فحكم بأنّها لا تدرك ، وأنّها مدركة له لاستحالة الجهل عليه تعالى. فذاته غيب الأحديّة التي كلّ العبارات واقعة عليها من كلّ وجه غير مستوفية لمعناها من وجوه كثيرة ، فهي لا تدرك بمفهوم عبارة ولا تفهم بمعلوم إشارة ، لأنّ الشيء انّما يعرف بما يناسبه فيطابقه ، وبما ينافيه فيضادّه ، وليس لذاته في الوجود مناسب ولا مناف ولا مضادّ فارتفع من حيث الاصطلاح ، إذ أمعنّاه في الكلام ، وانتفى لذلك أن يدرك للأنام انتهى.
وفي شرح المواقف للمتكلّمين هاهنا مقامان. الأول الوقوع ، فذهب جمهور المحقّقين من الفرق الإسلامية وغيرهم إلى أنّ حقيقة الله تعالى غير معلوم للبشر ، وقد خالف فيه كثير من المتكلّمين من أصحاب الأشعري والمعتزلة. والثاني الجواز ، وفيه خلاف. فمنعه الفلاسفة وبعض أصحابنا كالغزالي وإمام الحرمين. ومنهم من توقّف كالقاضي أبي بكر وضرار بن عمرو (١) ، وكلام الصوفية في الأكثر مشعر بالامتناع.
اعلم أنّهم اختلفوا في أنّ ذاته تعالى مخالفة لسائر الذوات. فذهب نفاة الأحوال إلى التّخالف وهو مذهب الأشعري وأبي الحسين البصري ، فهو منزّه عن المثل والنّدّ. وقال قدماء المتكلّمين ذاته مماثلة لسائر الذّوات في الذاتية والحقيقة ، وإنّما يمتاز عن سائر الذوات بأحوال أربعة. الوجوب والحياة والعلم التّام والقدرة التامة أي الواجبيّة والحييّة والعالميّة والقادريّة التامّتين هذا عند الجبائي. وأما عند أبي هاشم
__________________
(١) هو ضرار بن عمرو الغطفاني. توفي عام ١٩٠ هـ / ٨٠٥ م. قاض من كبار المعتزلة له الكثير من المؤلفات. الأعلام ٣ / ٢١٥ ، لسان الميزان ٣ / ٣٠٣.