يقابله من الأولى في الوزن والتقفية. وأما لفظة هو فلا يقابلها شيء من القرينة [الثانية] (١) ، وإلاّ أي وإن لم يكن ما في إحدى القرينتين أو أكثرها مثل ما يقابله من الآخر فهو المتوازي ، وذلك بأن يكون ما في إحدى القرينتين أو أكثر وما يقابله من الأخرى مختلفين في الوزن والتقفية جميعا نحو (فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ ، وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ) (٢) أو في الوزن فقط نحو : (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً ، فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً) (٣) أو في التقفية فقط كقولنا : حصل الناطق والصامت وهلك الحاسد والشامت ، أو لا يكون لكل كلمة من إحدى القرينتين مقابل من الأخرى نحو : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (٤).
وفي الإتقان في نوع الفواصل قسّم البديعيون السجع ومثله الفواصل إلى أقسام الأول المطرف وهو أن تختلف الفاصلتان في الوزن وتتفقان في حرف السجع نحو (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً ، وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) (٥). والثاني المتوازي ، وهو أن تتفقا وزنا وتقفية ولم يكن ما في الأولى مقابلا لما في الثانية في الوزن والتقفية نحو (فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ ، وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ) والثالث المتوازن وهو أن تتفقا وزنا دون التقفية نحو : (وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ ، وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ) (٦) والرابع المرصّع وهو أن تتفقا وزنا وتقفية ويكون ما في الأولى مقابلا لما في الثانية كذلك نحو : (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ) (٧) و (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ ، وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) (٨). والخامس المتماثل وهو أن تتساويا في الوزن دون التقفية وتكون أفراد الأولى مقابلة لما في الثانية فهو بالنسبة إلى المرصّع كالمتوازن بالنسبة (٩) إلى المتوازي نحو : (وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ ، وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) (١٠). فالكتاب والصراط متوازنان وكذا المستبين والمستقيم واختلفا في الحرف الأخير انتهى.
فائدة : قالوا أحسن السجع ما تساوت قرائنه نحو : (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ ، وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) (١١) ثم بعد أن لم تتساو قرائنه فالأحسن ما طالت القرينة الثانية نحو : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ، ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى) (١٢) أو القرينة الثالثة نحو : (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ، ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ) (١٣). قال ابن الأثير : الأحسن في الثانية المساواة وإلاّ فأطول قليلا ، وفي الثالثة أن تكون أطول ، ويجوز أن تجيء مساوية لهما. وقال الخفاجي : لا يجوز أن تكون الثانية أقصر من الأولى.
فائدة : مبنى الإسجاع والفواصل على الوقف والسكون ولهذا ساغ مقابلة المرفوع بالمجرور وبالعكس ، كقوله تعالى (إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ) (١٤) مع قوله (عَذابٌ واصِبٌ) وقوله (بِماءٍ مُنْهَمِرٍ) مع قوله (قَدْ قُدِرَ) ، لأنّ الغرض من السجع أن يزاوج بين القرائن ، ولا يتم ذلك في كلّ صورة إلاّ بالوقف والبناء على السكون كقولهم : ما أبعد ما فات وما أقرب ما [هو] (١٥)
__________________
(١) الثانية (+ م ، ع).
(٢) الغاشية / ١٣ ـ ١٤.
(٣) المرسلات / ١ ـ ٢.
(٤) الكوثر / ١ ـ ٢.
(٥) نوح / ١٣ ـ ١٤.
(٦) الغاشية / ١٥ ـ ١٦.
(٧) الغاشية / ٢٥ ـ ٢٦.
(٨) الانفطار / ١٣ ـ ١٤.
(٩) بالنسبة (ـ م).
(١٠) الصافات / ١١٧ ـ ١١٨.
(١١) الواقعة ٢٨ ـ ٢٩.
(١٢) النجم / ١ ـ ٢.
(١٣) الحاقة / ٣٠ ـ ٣١.
(١٤) الصافات / ١١.
(١٥) هو (+ م).