قال : فقال : «إذا علمت أن عليها عدّة لزمتها الحجة ، فتسأل حتّى تعلم (١)» (١).
وأمّا الجاهل بالمعنى الثاني فلا ريب في معذوريّته ؛ لأن تكليف الغافل الذاهل ممّا منعت منه الأدلة العقليّة وساعدتها الأدلة النقليّة ، ويشير إلى ذلك قوله عليهالسلام في صحيحة عبد الرحمن المتقدّمة (٢) في التزويج في العدّة وذلك بأنه : «لا يقدر على الاحتياط معها» يعني : أنه مع جهله أن الله حرم عليه التزويج في العدّة ، لا يقدر على الاحتياط ، لعدم تصوّر الحكم بالكلّيّة بخلاف الظانّ والشاكّ ؛ فإنه يقدر على ذلك لو تعذّر عليه العلم.
وعلى هذا تحمل الأخبار الأخيرة ، وربما جمع بينها كما ذكره بعض الأصحاب (٣) : بأن الأخبار الاول إنّما دلّت على وجوب الطلب ، ولا كلام فيه. وهذا لا يستلزم بطلان عبادة الجاهل مطلقا ، وعدم معذوريّته وتأثّمه بفعل ما هو محرّم وترك ما هو واجب. واحتمل آخرون (٤) أيضا في وجه الجمع بينهما حمل الأخبار الأخيرة على صورة عدم إمكان العلم ، فوجب الحكم بالمعذوريّة لذلك ، وإلّا لزم التكليف بما لا يطاق.
__________________
(١) أقول : ويدلّ على ذلك الأخبار المستفيضة الآمرة بالوقوف والتثبّت عند الجهل بالحكم ، كقول أبي عبد الله عليهالسلام في ردع حمزة ابن الطيّار : «لا يسعكم فيما نزل بكم ممّا لا تعلمون إلّا الكفّ عنه ، والتثبّت والردّ إلى أئمّة الهدى حتّى يحملوكم فيه على القصد ، ويجلوا عنكم فيه العمى ، ويعرّفوكم فيه الحق ، قال تعالى (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)» (١). وفي معناه أخبار عديدة مستفيضة. منه دام ظلّه ، (هامش «ح»).
(٢) تهذيب الأحكام ١٠ : ٢٠ / ٦١ ، وسائل الشيعة ٢٨ : ١٢٦ ، أبواب حدّ الزنا ، ب ٢٧ ، ح ٣.
(٣) انظر الدرر ١ : ١٥ / الهامش : ٢.
(٤) انظر أجوبة الشيخ سليمان الماحوزي : ٢٥٠.
(٥) انظر المصدر نفسه.
__________________
١ ـ الكافي ١ : ٥٠ / ١٠ ، باب نوادر كتاب فضل العلم ، وسائل الشيعة ٢٧ : ١٥٥ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٣.