وفي هذين الوجهين نظر ظاهر لا يخفى على الخبير الماهر (١).
أمّا الأول منهما ، فلما عرفت سابقا من بيان وجه التقريب في ذيل تلك الأخبار.
وأمّا الثاني ، فلأنه لو اجري في الجاهل بمعنييه المتقدّمين للزم الحكم بالمعذوريّة فيهما ، مع أنك قد عرفت دلالة الأخبار على الأمر بالاحتياط ، مع تعذّر السؤال في الجاهل بالمعنى الأوّل كما تضمّنه صحيحتا عبد الرحمن ، والكناسي المتقدّمتان.
وبالجملة ، فالأظهر في وجه الجمع هو الأوّل ؛ فإن الأخبار بقضّها وقضيضها (٢)
__________________
(١) أقول : وممّن حام حول هذا المقام ولن (١) يلج بابه من الأعلام المولى الأردبيلي قدسسره في مسألة الصلاة في النجاسة عامدا من كتاب (شرح الإرشاد) حيث قال : (وإن كان جاهلا بالمسألة فقيل : حكمه حكم العامد. وفيه تأمّل ؛ إذ الإجماع غير ظاهر ، والأخبار ليست بصريحة في ذلك. والنهي الوارد بعدم الصلاة مع النجاسة أو الأمر الوارد بالصلاة مع الطهارة المستلزم [له] غير واصل إليه ؛ فلا يمكن الاستدلال بالنهي المفسد للعبادة لعدم علمه به ، فكيف يكون منهيّا؟ ولما هو المشهور من الخبر : «الناس في سعة ما لم يعلموا» ، وغيرها : «مما لم يعلموا».
وما علم من شرطيّة الطهارة في الثوب والبدن للصلاة مطلقا حتّى ينعدم بانعدامه مع أن الإعادة تحتاج إلى دليل جديد. إلّا أن يقال : إنه وصل إليه ، وجوب الصلاة واشتراطها بأمور ؛ فهو بعقله مكلّف بالفحص والتحقيق والصلاة مع الطهارة.
وقالوا : شرط التكليف هو إمكان العلم ؛ فهو مقصّر ومسقط عن نفسه بأنه لم يعلم. فلو كان [مثله] (٢) معذورا للزم فساد عظيم في الدين ، فتأمّل ، فإن هذه أيضا من المشكلات) (٣) انتهى كلامه زيد مقامه. منه دام ظلّه ، (هامش «ح»).
(٢) يقال : جاؤوا بقضّهم وقضيضهم ، أي بجمعهم. ويؤتى بالدنيا بقضّها وقضيضها ، أي بكل ما فيها. لسان العرب ١١ : ٢٠٥ ـ قض.
__________________
١ ـ كذا في الأصل.
٢ ـ من المصدر ، وفي الأصل : عقله.
٣ ـ مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٣٤٢.