رجم بالغيب ، وجرأة بلا ريب.
ومن هذا القسم أيضا ما تعارضت فيه الأخبار على وجه يتعذّر الترجيح بينها بالمرجّحات المنصوصة ، فإن مقتضى الاحتياط التوقف عن الحكم ، ووجوب الإتيان بالفعل ، متى كان مقتضى الاحتياط ذلك.
فإن قيل : إن الأخبار في الصورة المذكورة قد دلّ بعضها على الإرجاء ، وبعضها على العمل من باب التسليم.
قلنا : هذا أيضا من ذلك ، فإن التعارض المذكور مع عدم ظهور مرجح لأحد الطرفين ، ولا وجه يمكن الجمع به في البين مما يوجب دخول الحكم المذكور في المتشابهات المأمور فيها بالاحتياط.
ومن هذا القسم أيضا ما لم يرد فيه نص من الأحكام التي يعمّ بها البلوى عند من لم يعتمد على البراءة الأصلية ، فإن الحكم فيه ما ذكر كما سلف بيانه في درّة البراءة الأصلية (١) ، ومن الاحتياط الواجب في الحكم الشرعي ، لكن في الترك ما لو تردّد الفعل بين كونه واجبا أو محرما ، فإن المستفاد من الأخبار أن الاحتياط هنا بالترك ، كما تدلّ عليه موثقة سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه : أحدهما يأمر بأخذه ، والآخر ينهاه عنه ، كيف يصنع؟ قال : «يرجئه حتى يلقى من يخبره ، فهو في سعة حتى يلقاه» (٢).
وموثقة زرارة في اناس حجّوا بامرأة ، فقدموا إلى الوقت وهي لا تصلي ، وجهلوا أن مثلها ينبغي أن يحرم ، فمضوا بها كما هي ، حتى قدموا مكة ، وهي
__________________
(١) انظر الدرر ١ : ١٥٥ ـ ١٨٦ / الدرة : ٦.
(٢) الكافي ١ : ٦٦ / ٧ ، باب اختلاف الحديث ، وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٨ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ٥.