(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) (١) ونحو ذلك ، فهو محمول على قصد إزالة الشبهة عمن غطّت على بصر بصيرته غشاوة الشبهات ؛ فإن عروض الشبهة لا يقدح في بداهة البديهي كما صرّح به جملة من العلماء الأعلام وأرباب النقض والإبرام. وخفاء التصديق على بعض الأذهان لخفاء تصوّرات بعض أطرافه غير قادح في ضرورية الضروري ؛ ولهذا إنه يزول بأدنى تنبيه عند طالب الحقّ الفطن النبيه.
ويدل على ذلك أيضا (٢) ما حكاه العلّامة القطب الشيرازي في كتاب (درة التاج) من (أن بعض الملوك كان له شك في الصانع جل شأنه ، فعلم بذلك وزيره ، وكان حكيما عاقلا ، فعمد إلى أرض خربة موات وأجرى إليها أنهارا جارية ، وأحدث فيها عمارات عالية ومجالس فاخرة ، وعمل فيها بساتين رائقة ، وغرس فيها أشجارا ، فلمّا تمّ ما حاوله ، وفرغ ممّا دبره ، أشار إلى الملك ليخرج يوما إلى النزهة ، ثم تعمد المرور به على تلك العمارات والبساتين ، ولم يكن الملك يدري بإحداثه لها ، فسأله عمّن أحدثها وعمرها؟ فقال الوزير : حدثت بنفسها. فغضب الملك ، وقال : تخاطبني بهذا الكلام الذي يخاطب به المجانين ، أيحدث الشيء بنفسه؟ فقال الوزير : إذا جاز حدوث السماوات والأرض والمواليد وغيرها بأنفسها ، فكيف لا يجوز حدوث هذه بأنفسها؟ فتفطن الملك ورجع إلى الجزم بالتوحيد) (٣).
ونقل سيدنا المرتضى علم الهدى رضياللهعنه في كتاب (الفصول) الذي جمعه من إملاء شيخنا مفيد الطائفة المحقّة ، وهو المشهور بكتاب (العيون والمحاسن) قال : (أخبرني الشيخ ـ أدام الله عزه ـ أيضا قال : دخل أبو الحسن علي بن ميثم رحمهالله على
__________________
(١) يونس : ٦٧ ، وغيرها.
(٢) ليست في «ح».
(٣) عنه في زهر الرياض : ٦٥٤ ـ ٦٥٥.