الحسن بن سهل وإلى جانبه ملحد قد عظمه ، والناس حوله ، فقال : لقد رأيت ببابك عجبا. قال : وما هو؟ قال : رأيت سفينة تعبّر الناس من جانب إلى جانب بلا ملّاح ولا ماصر (١)! قال : فقال له صاحبه الملحد ـ وكان بحضرته ـ : إن هذا أصلحك الله لمجنون! قال : قلت : وكيف ذاك؟ قال : خشب جماد لا حيلة له ولا قوة ولا حياة فيه ولا عقل كيف يعبر بالناس؟! قال : فقال أبو الحسن : وأيما أعجب هذا أو هذا الماء الذي يجري على وجه الأرض يمنة ويسرة بلا روح ولا حيلة ولا قوى ، وهذا النبات الذي يخرج من الأرض والمطر الذي ينزل من السماء؟ تزعم أنت أنه لا مدبر لهذا كله ، وتنكر أن تكون سفينة تتحرك بلا مدبر وتعبر بالناس؟ فبهت الملحد) (٢) انتهى.
وفي (تفسير الإمام العسكري عليهالسلام) أنه سئل مولانا الصادق عليهالسلام عن الله ، «فقال للسائل : يا عبد الله ، هل ركبت سفينة قط؟ قال : بلى. قال : فهل كسرت بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك؟ قال : بلى. قال : فهل تعلق قلبك هناك أن شيئا قادر على أن يخلّصك من ورطتك؟ قال : بلى. قال الصادق عليهالسلام فذلك الشيء هو الله القادر على الإنجاء حيث لا منجي ، وعلى الإغاثة حيث لا مغيث» (٣).
وبما حقّقناه يظهر لك ما في كلام هذا المحقق من الغفلة في المرتبة الاولى من المراتب التي ذكرها حيث ادّعى التقليد فيها ؛ فإنه (٤) لا يلائم البداهة والضرورة
__________________
(١) الماصر : حبل يلقى في الماء ليمنع السفن عن السير حتى يؤدي صاحبها ما عليه من الحق للسلطان. لسان العرب ١٣ : ١٢٢ ـ مصر.
(٢) الفصول المختارة من العيون والمحاسن (ضمن مؤلّفات الشيخ المفيد) ٢ : ٧٦.
(٣) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٢٢ / ٦.
(٤) في «ح» : فإنه فيها.