الموجودات ، وإنما تحتاج إلى أن تعلم ما هو عليه جل جلاله من الصفات.
أقول : ولأجل شهادة العقول الصريحة والأفهام الصحيحة بالتصديق بالصانع أطبقوا جميعا على فاطر وخالق ، وإنما اختلفوا في ماهيته وحقيقة ذاته وفي صفاته بحسب اختلاف الطريق.
أقول (١) وإني وجدت قد جعل الله جل جلاله في جملتي حكما أدركته عقول العقلاء ، فجعلني من جواهر وأعراض ، وعقل روحاني ، ونفس وروح. ولو سألت بلسان الحال الجواهر التي في صورتي ، هل كان لها نصيب من خلقي وفطرتي؟
لوجدتها تشهد بالعجز والافتقار وأنها لو كانت قادرة على هذا المقدار ما اختلفت عليها الحادثات والتغييرات والتقلبات ، ووجدتها معترفة (٢) أنها ما كان لها حديث في تلك التدبيرات ، وأنها ما تعلم كيفية ما فيها من التركيبات ولا عدد ولا وزن ما جمع فيها من المفردات.
ولو سألت بلسان الحال الأعراض ، لقالت : أنا أضعف من الجواهر ، لأنني فرع عليها فأنا أفقر منها لحاجتي إليها.
ولو سألت بلسان الحال عقلي وروحي ونفسي لقالوا جميعا : أنت تعلم أن الضعف يدخل بعضنا بالنسيان وبعضنا بالموت وبعضنا بالذل والهوان ، وأنّنا تحت غيرنا ممن ينقلنا كما يريد من نقص إلى تمام ، ومن تمام إلى نقصان ، وينقلنا كما يشاء مع تقلبات الأزمان) (٣).
إلى أن قال : (إياك وما عقده المعتزلة ومن تابعهم على طريقتهم البعيدة من اليقين ، فإنني اعتبرتها فوجدتها كثيرة الاحتمالات لشبهات المعترضين إلّا قليلا
__________________
(١) من «ح» والمصدر.
(٢) في «ح» : معرفة.
(٣) كشف المحجة لثمرة المهجة : ٤٨ ـ ٥٠.