حقائقهم ولا سلك طريقا من طرائقهم ولا تردّد إلى معلّم من علماء المسلمين ولا فهم شيئا من ألفاظ المتكلمين؟ ولو اعتذر إليهم عن معرفة الدليل بالأعذار التي أوجبوها عليه من النظر الطويل ما قبلوها منه ونقضوا ما كانوا أوجبوه وخرجوا عنه) (١) انتهى كلامه زيد مقامه ، واقتصرنا منه على قليل من كثير.
وأمّا المرتبة الثانية ، فهي معرفته عزوجل بصفات كماله ونعوت جلاله التي ورد بها (القرآن) العزيز والسنّة النبوية على الصادع بها وآله أفضل صلاة وتحية. وهذه المرتبة هي التي تعبّد الله عزوجل بها خلقه ، وكلّفهم العمل عليها ، وردع جملة من العقول القاصرة والأوهام الحائرة عن تجاوزها والارتقاء إلى ما فوقها. وهذه المرتبة كما أشرنا إليها آنفا مشتملة على مراتب متعدّدة متفاوتة بتفاوت أفهام الناس وعقولهم في المعرفة قوة وضعفا ، وحصول الاطمئنان كمّا وكيفا ، وسرعة وبطء ما رزقوه ووفّقوا له. وأعلى مراتب هذه المرتبة ربما قرب من المرتبة الآتية.
وفي الخبر عن أبي عبد الله عليهالسلام : «إنّ الله وضع الإيمان على سبعة أسهم : على البرّ والصدق (٢) واليقين والرضا والوفاء والعلم والحلم. ثم قسم ذلك بين الناس ، فمن جعل فيه السبعة الأسهم فهو كامل محتمل ، وقسم لبعض الناس السهم ولبعض السهمين ولبعض الثلاثة حتى انتهوا إلى سبعة».
ثم قال : «لا تحملوا على صاحب السهم سهمين ، وعلى صاحب السهمين ثلاثة فتبهظوهم».
ثم قال : «كذلك حتى [ينتهي] (٣) إلى سبعة» (٤).
وروى في الكتاب المذكور عن عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «يا
__________________
(١) كشف المحجّة لثمرة المهجة : ٥١ ـ ٥٤.
(٢) في «ح» : التقوى.
(٣) من المصدر ، وفي النسختين : انتهى.
(٤) الكافي ٢ : ٤٢ / ١ ، باب درجات الإيمان.