تعلّقها بذاته جل شأنه ؛ لأن الأخبار كما استفاضت بنفي الرؤية البصرية استفاضت أيضا بنفي إدراكه بالعقول وإحاطة الأوهام به ، ففي الخبر : «إنّ الله احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار ، وإنّ الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم» (١).
وفي (الكافي) بسنده عن أبي هاشم الجعفري عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : سألته عن الله هل يوصف؟ فقال : «أما تقرأ القرآن؟». قلت : بلى. قال : «أما تقرأ قوله تعالى (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) (٢)؟». قلت : بلى. قال : «فتعرفون الأبصار؟». قلت : بلى قال : «ما هي؟» قلت : أبصار العيون. فقال : «إنّ أوهام القلوب أكثر من أبصار العيون ، فهو لا تدركه الأوهام وهو يدرك الأوهام» (٣).
وفي خبر آخر عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) قال : «إحاطة الوهم به ، ألا ترى إلى قوله (قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) (٤)؟ ليس يعني بصر العيون إنما عنى إحاطة الوهم» (٥).
وفي خبر آخر عن أبي هاشم الجعفري عن الباقر عليهالسلام في الآية المذكورة قال : «يا أبا هاشم ، أوهام القلوب أدقّ من أبصار العيون ، أنت تدرك بوهمك السند والهند والبلدان التي لم تدخلها ولا تدركها ببصرك ، وأوهام القلوب لا تدركه ، فكيف أبصار العيون؟» (٦).
ومفاد هذه الأخبار الثلاثة وما في معناها : أن المراد بالأبصار التي لا تدركه
__________________
(١) الأربعون حديثا (البهائي) : ٨٠ / شرح الحديث : ٢ ، علم اليقين ١ : ٣٩ ، بحار الأنوار ٦٦ : ٢٩٢.
(٢) الأنعام : ١٠٣.
(٣) الكافي ١ : ٩٨ / ١٠ ، باب في إبطال الرؤية.
(٤) الأنعام : ١٠٤.
(٥) الكافي ١ : ٩٨ / ٩ ، باب في إبطال الرؤية.
(٦) الكافي ١ : ٩٩ / ١١ ، باب في إبطال الرؤية.