المحترق بالنار ولم يبق منه شيء) انتهى.
أقول : فيه :
أولا : أن ظاهر هذا الكلام وما يتبادر منه إلى الأفهام كفر محض ، فإن اتّصاف العبد بصفات الربوبية ـ كاتّصاف الفحم بصفات النار المعدودة حتى يصير نارا ، ويترتب عليه ما يترتب على النار من الإحراق والإنضاج والإضاءة ونحوها ـ عين القول بوحدة الوجود أو الاتحاد ، كما نقله غير واحد من علمائنا عن الصوفية.
قال في كتاب (حديقة الشيعة) ما هذه ترجمته ـ حيث إن الكتاب مكتوب بالفارسية ـ : (الثاني : الاتحادية ، وهم القائلون بأن الله تعالى متّحد معنا وكذلك يتحد بجميع العارفين. والعقل قاض ببطلان هذا المذهب ، وهذه الفرقة يشبهون الله تعالى بالنار وأنفسهم بالحديد والفحم ، فكما أنهما بسبب ملاقاة النار ومصاحبتها يصيران نارا فالعارف أيضا بواسطة قربه إلى الله تعالى يصير إلها.
وهذا الكلام كفر محض وزندقة ، وكل ذي عقل يعلم أن الممكن إذا انقلبت طبيعته إلى طبيعته ممكن آخر أو اتّصف بصفة لم يلزم من ذلك صيرورة الواجب ممكنا أو الممكن واجبا. وكذلك كل ذي لب يعلم أن قياس الممكنات بالواجب والواجب بالممكنات غير معقول) إلى آخر كلامه.
وثانيا : أنا لا نسلم أن ما ذكره من الإحراق والإضاءة والإنضاج ونحوها مترتب على الفحم المذكور ، بل إنما هو مترتب على النار التي في الفحم ، وقوله : (إن الفحم يصير نارا) ممنوع ، بل إنما يصير ذا نار.
وبيان ذلك أنه لا يخفى أن النار الموجودة في هذه النشأة لا وجود لها في الخارج إلّا مع الاشتعال في جسم من الأجسام من فحم أو حديد أو حطب أو