الوعد والوعيد والزجر لمن تعدى الحدود الالهية (١) والترغيب والترهيب ظاهر لا مرية فيه ، وهو المراد من التدبر في الآية كما ينادي عليه سياق الكلام.
والقول الفصل والمذهب الجزل في هذا المقام ما أفاده شيخ الطائفة ـ رضوان الله عليه ـ في كتاب (التبيان) ، وتلقّاه بالقبول جملة من علمائنا الأعيان ، حيث قال بعد نقل جملة من أدلّة الطرفين ما لفظه : (والذي نقوله : إن معاني (القرآن) على أربعة أقسام :
أحدها : ما اختص الله بالعلم به ، فلا يجوز لأحد تكلّف القول فيه ولا تعاطي معرفته ، وذلك مثل قوله (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلّا هُوَ) (٢) ، ومثل قوله (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ) (٣) إلى آخرها. فتعاطي ما اختص الله بالعلم به خطأ.
وثانيها : ما يكون ظاهره مطابقا لمعناه ، فكل من عرف اللغة التي خوطب بها عرف معناه ، مثل قوله (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلّا بِالْحَقِّ) (٤) ، ومثل قوله : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٥) ، وغير ذلك.
وثالثها : ما هو مجمل لا ينبئ ظاهره عن المراد به مفصّلا ، مثل قوله (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) (٦) ، وقوله (وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ) (٧) وقوله (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) (٨) ، وقوله (فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) (٩) وما أشبه ذلك.
فإن تفصيل أعداد الصلاة وأعداد ركعاتها ، وتفصيل مناسك الحج وشروطه ،
__________________
(١) في «ح» بعدها : والتهديد.
(٢) الأعراف : ١٨٧.
(٣) لقمان : ٣٤.
(٤) الأنعام : ١٥١ ، الإسراء : ٣٣.
(٥) الإخلاص : ١.
(٦) البقرة : ٤٣ ، ٨٣ ، ١١٠ ، وغيرها.
(٧) آل عمران : ٩٧.
(٨) الأنعام : ١٤١.
(٩) المعارج : ٢٤.