لا يقال : إنه يلزم اتّحاد القسم الثاني من كلامه ـ صلوات الله عليه ـ بما بعده ؛ لكون القسم الثالث أيضا من المعلوم لهم عليهمالسلام.
لأنا نقول : الظاهر تخصيص القسم الثالث بعلم الشرائع الذي يحتاج إلى توقيف ، وأنه لا يعلمه إلّا هو جلّ شأنه أو أنبياؤه بالوحي إليهم وإن علمه الأئمّة عليهمالسلام بالوراثة من الأنبياء ، بخلاف الثاني ؛ فإنه ممّا يستخرجونه بصفاء جواهر أذهانهم ، ويستنبطونه بإشراق لوامع أفهامهم.
وحينئذ ، فالقسم الثالث من كلام الشيخ قدسسره ، هو الثالث من كلامه عليهالسلام ، ولعل عدم ذكره ـ صلوات الله عليه ـ القسم الأوّل من كلام الشيخ لقلّة أفراده في (القرآن) المجيد ؛ إذ هو مخصوص بالخمسة المشهورة ، أو أن الفرض التام إنما يتعلّق بذكر الأقسام التي أخفاها جلّ (١) شأنه عن تطرق تغيير المبدلين وإن ذكر منها القسم الأول استطرادا.
ومرجع هذا الجمع الذي ذكره الشيخ قدسسره إلى حمل أدلّة الجواز على القسم الثاني من كلامه ـ طاب ثراه ـ وأخبار المنع على ما عداه.
وأما ما يفهم من كلام المحدّث الكاشاني في المقدمة الخامسة من المقدمات التي ذكرها في أول كتابه (الصافي) من الجمع بين الأخبار باعتبار تفاوت أفراد المفسرين ، وحمل أحاديث الجواز على من أخلص الانقياد لله ولرسوله ولأهل البيت عليهمالسلام ، وأخذ علمه منهم وتتبع آثارهم ، واطّلع على جملة من أسرارهم بحيث يحصل له الرسوخ في العلم ، والطمأنينة في المعرفة وانفتح عينا قلبه ، وهجم به العلم على حقائق الامور ، وباشر روح اليقين ، واستلان ما استوعره المترفون ، وآنس بما استوحش منه الجاهلون ، وصحب الدنيا ببدن (٢) روحه
__________________
(١) في «ح» : من.
(٢) من «ح».