بالرأي (١) ، انتهى ملخصا ، فظني (٢) بعده غاية البعد وإن جرى فيه على عادته وعادة أصحابه الصوفية من (٣) دعوى المزاحمة للأئمّة عليهمالسلام في تلك المراتب العلية ، كما سيظهر لك في المقام إن شاء الله تعالى بأوضح دلالة جلية (٤) :
أما أولا ، فلأن ما ذكره ـ من حمل أخبار الجواز على من اتّصف بتلك الصفات التي من جملتها أنه حصل له الرسوخ في العلم ، إلى آخره ـ مسلم ، لكنا لا نسلّم أن هذه الصفات على الحقيقة تحصل لغيرهم ـ صلوات الله عليهم ـ وإن زعم هو وغيره من الصوفية العامية العمياء مزاحمتهم في ذلك.
وبيان ذلك أن هذا الكلام ممّا ذكره أمير المؤمنين عليهالسلام في حديث كميل بن زياد مشيرا إلى أوصيائه من أبنائه الأئمّة الطاهرين ، وهم لفرط غرورهم ينتحلون ذلك لأنفسهم ، وينقلون حديث كميل في مقام مدح علمائهم ، زاعمين (٥) أن هذا الكلام هم المرادون به. وها أنا أسوق لفظ الخبر لتطّلع على ما فيه ، وتفهم ما هو الحق منه وتعيه ، قال عليهالسلام : «يا كميل ، إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها ، [ف] احفظ مني (٦) ما أقول لك : الناس ثلاثة : عالم رباني ، ومتعلم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع أتباع كلّ ناعق ، يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق. يا كميل ، العلم خير من المال ؛ العلم يحرسك وأنت تحرس المال ، والمال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو بالإنفاق .. يا كميل [معرفة] العلم دين الله به يدان (٧) ، يكسب الإنسان الطاعة في حياته وجميل الاحدوثة بعد وفاته .. يا كميل (٨) مات خزان الأموال ، والعلماء
__________________
(١) التفسير الصافي ١ : ٣٦ ـ ٣٧.
(٢) جواب (أما) الوارد في قوله المار : وأمّا ما يفهم من كلام المحدث الكاشاني ..
(٣) من «ح».
(٤) من «ح» ، وفي «ق» : عليه.
(٥) في «ح» بعدها : على.
(٦) في «ح» : عني.
(٧) في «ح» : يدان به.
(٨) ليست في «ح».