فإنّي لا أعرف فيم قتلته (١).
قيل لأبي إسحاق السبيعي : متى ذلّ الناس؟ قال : حين مات الحسن وادّعي زياد وقّتل حجر (٢).
أقول : بموت الحسن عليهالسلام دخل الذلّ على كلّ الأقطار حين سنّ معاوية سنّة لعن علي عليهالسلام وسبّه على المنابر ، والكوفة عاشت الذلّ الخاصّ بكونها مركز نصرة علي عليهالسلام.
أمّا الذلّ الذي دخل الكوفة بسبب استلحاق زياد ، فهو أن يكون الوالي عليها ، وإمام جمعتها ابن زنا ، وهذا الذلّ تشترك فيه مع البصرة.
أمّا الذلّ الذي دخل عليها بعد قتل حجر ، فهو لعن علي عليهالسلام أو القتل صبراً ، وهو أشدّ أنواع الذلّ التي مرّت به الكوفة ، وقد بدأ بقتل حجر إذ لم يقُتل أحد بسبب ذلك قبله.
قال البلاذري : قال الربيع بن زياد وكان بناحية خراسان لمّا قُتل حجر : هل من ثائر؟ هل من معين؟ هل من منكر؟ قال ذلك مراراً فلم يجبه أحد ، فقال : أمّا إذا أبيتم فستبتلون بالقتل صبراً على الظلم (٣).
قال الطبري : قال علي : وأخبرني محمّد بن الفضل ، عن أبيه ، قال : بلغني أنّ الربيع بن زياد ذكر يوماً بخراسان حجر بن عدي ، فقال : لا تزال العرب تُقتل صبراً بعده ، ولو نفرت عند قتله لم يُقتل رجل منهم صبراً ، ولكنّها أقرّت فذلّت. فمكث بعد هذا الكلام جمعة (٤) ومات في العام الذي مات فيه ابن زياد.
أقول :
كلام الربيع كلام مَنْ لم يعرف خطّة معاوية ، ولا خطّة الحسين عليهالسلام في مواجهتها.
__________________
(١) تاريخ دمشق ٦ / ٢٤٢.
(٢) شرح النهج ، الطبري.
(٣) أنساب الأشراف / القسم الرابع ، الجزء الأوّل / ٢٦٧.
(٤) تاريخ الطبري ٥ / ٢٧٩.