أمّا معاوية : فقد كان يريد بكلّ وسيلة أن يتورّط المخلصون من شيعة علي في الكوفة بشيء من هذا القبيل حتّى يقتلهم بتهمة الخروج (١) ، وتطغى على تهمة الولاء لعلي عليهالسلام.
وقد كانت خطّة الحسين عليهالسلام في قبال ذلك أن يصبر الشيعة ، ويواصلون نشر فضائل علي عليهالسلام ولو كانوا على أعواد المشانق (٢) ، وأن يفوِّتوا على معاوية خطّته في استدراج الشيعة ؛ ليكونوا خوارج على السلطة ، ومن ثمّ يسفك دماءهم بلا كلفة عليه ، وسيأتي تفصيل ذلك.
الكوفة بعد قتل حجر رحمهالله :
بقي زياد بعد قتل حجر وأصحابه ما يقرب من ثلاث سنوات ، جَدَّ فيها بوحشية منقطعة النظير في تصفية الوجوه البارزة من شيعة علي عليهالسلام التي تصدّت للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لسانيّاً ، تنكر اللعن ، وتنشر فضائل علي عليهالسلام ، وتترحّم عليه.
قال سُلَيم : اشتدّ البلاء بالأمصار كلّها على شيعة علي عليهالسلام وأهل بيته ، وكان أشدّ الناس بليّة أهل الكوفة ؛ لكثرة مَنْ بها من الشيعة. واستعمل عليها زياداً.
وجمع له العراقين ، كان يتتبّع الشيعة … فقتلهم على التّهم والظنّ والشبهة تحت كلّ كوكب ، وتحت كلّ حجر ومدر ، وأحلأهم وأخافهم ، وقطع الأيدي والأرجل منهم ، وصلبهم على جذوع النخل ، وسمل أعينهم ، وطردهم وشرّدهم (٣).
__________________
(١) خرج على زياد سنة ٥٢ زياد بن خراش العجلي في ثلاثمئة ، فأتى أرض مسكن من السواد ، فسيّر إليه زياد سعد بن حذيفة أو غيره فقتلوهم. وخرج عليه أيضاً معاذ الطائي ، فأتى نهر عبد الرحمن بن أمّ الحكم سنة ٥٢ ، فبعث إليه زياد مَنْ قتله. (ابن الأثير) وفي سنة ٥٣ خرج قريب وزحاف في سبعين بالكوفة ، وزياد بالبصرة ، وخرج آخرون ....
(٢) كما صنع مع رشيد الهجري ، وميثم التمار ، وجويرية بن مسهر ونظرائهم.
(٣) شرح النهج ١٥ / ٤٣.