إلى معاوية ، وهو أوّل رأس يحمل في الإسلام ، بعث به معاوية إلى آمنة ، فقالت : لقد نفيتموه (الصحيح غيبتموه) طويلاً ، وأهديتموه قتيلاً ، فمرحباً به من هدية غير مقلية. ونفاها معاوية إلى حمص فماتت بحمص (١).
وكان آخر ما عزم على فعله زياد في الكوفة سنة ثلاث وخمسين ، هو أن جمع الناس فملأ منهم المسجد والرحبة والقصر ؛ ليعرضهم على البراءة من علي عليهالسلام (٢) ، فمَنْ أبى ذلك عرضه على السيف (٣).
ولكن الله تعالى قد سلط عليه الطاعون أشغله عنهم ، ومات بعدها بأيّام (٤).
رشيد الهجري :
كان ممّن صلبه زياد على باب دار عمرو بن حريث ، وقطع لسانه (٥).
__________________
(١) أنساب الأشراف ـ القسم الرابع ، الجزء الأوّل / ٢٧٣.
(٢) مختصر تاريخ دمشق ٩ / ٨٨ ترجمة زياد.
(٣) مروج الذهب ـ للمسعودي ٣ / ٢٦.
(٤) قال البلاذري (في أنساب الأشراف ق ٤ ج ١ / ٢٧٨) : كان زياد عند معاوية وقد وقع الطاعون بالعراق ، فقال له : إنّي أخاف عليك يا أبا المغيرة الطاعون. فلمّا صار إلى العراق طعن ، فمكث شهراً فمات ، قال عبد الرحمن بن السائب : فإنّي لمع نفر من الأنصار والناس في أمر عظيم ، قال : فهوّمت تهويمة (التهويم : أن يأخذ الرجل النعاس حتّى يهتز الرأس) ، فرأيت شيئاً مثل عنق البعير ، أهدب أهدل (الأهدل : الساقط الشفة ، وبعير هدِل إذا كان طويل المشفر مسترخيه) ، فقلت : ما أنت؟ قال : أنا النقّاد ذو الرقبة بُعثت إلى صاحب هذا القصر. فاستيقظت فزعاً ، فقلت لأصحابي : هل رأيتم ما رأيت؟ قالوا : لا. فأخبرتهم. قال : ويخرج علينا خارج من القصر ، فقال : إنّ الأمير يقول لكم : انصرفوا عنّي فإنّي عنكم مشغول. وإذا الطاعون قد ضربه.
فأنشأ عبد الرحمن بن السائب يقول :
ما كان منتهياً عمّا أراد بنا |
|
حتّى تناولهُ النقّادُ ذو الرقبهْ |
فأثبتَ الشقّ منه ضربةً ثبتتْ |
|
كما تناول ظلماً صاحب الرحَبهْ |
قال المسعودي : يعني بصاحب الرحبة علي بن أبي طالب عليهالسلام (مروج الذهب ٣ / ٦).
(٥) قاموس الرجال ـ ترجمة رشيد الهجري. أنساب السمعاني : قال الهجري (بفتح الهاء والجيم) هذه النسبة إلى هجر بلدة من اليمن معروفة يُنسب إليها كثير ، منهم رشيد الهجري ، كان يؤمن بالرجعة ، قطع زياد لسانه وصلبه. وكذلك لسان الميزان ـ لابن حجر. وفي تذكرة الحفّاظ ـ للذهبي قال : قتل زياد رشيداً الهجري لتشيّعه ، فقطع لسانه وصلبه.